للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[منهجه في التفسير:]

لقد بين الإمام القرطبي- في مقدمة تفسيره- منهجه في التفسير، فبين أولا دوافعه لتفسير القرآن، ثم طريقته ومنهجه ثم شروطه في التفسير. يقول في مقدمته:

«فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجمع علوم الشرع، الذي استقل بالسّنّة والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض، رأيت أن أشتغل به مدى عمري، وأستفرغ فيه قوتي، بأن أكتب تعليقا وجيزا يتضمن نكتا من التفسير واللغات والقراءات والإعراب، والرد على أهل الزيغ والضلالات، وأحاديث كثيرة شاهدة لما نذكره من الأحكام ونزول الآيات، جامعا بين معانيها، ومبينا ما أشكل منها بأقاويل السلف ومن تبعهم من الخلف» (١).

أما شروطه التي التزم بها في تفسيره فقال فيه: «وشرطي في هذا الكتاب إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله، وكثيرا ما يجيء الحديث في كتب الفقه والتفسير مبهما، لا يعرف من أخرجه إلّا من اطلع على كتب الحديث، فيبقى من لا خبرة له بذلك حائرا، لا يعرف الصحيح من السقيم، ومعرفة ذلك علم جسيم. فلا يقبل منه الاحتجاج به ولا الاستدلال حتى يضيفه إلى من خرجه من الأئمة الأعلام، والثقات المشاهير من علماء الإسلام، ونحن نشير إلى جمل من ذلك في هذا الكتاب، والله الموفق للصواب، وأضرب عن كثير من قصص المفسرين، وأخبار المؤرخين، إلّا ما لا بد منه، وما لا غنى عنه للتبين، واعتضت من ذلك تبيين آي الأحكام بمسائل تفسر عن معناها، وترشد الطالب إلى مقتضاها، فضمنت كلّ آية تتضمن حكما أو حكمين، فما زاد من مسائل أبين فيها ما تحتوي عليه من أسباب النزول والتفسير والغريب والحكم، إن لم تتضمن كما ذكرت ما فيها من التفسير والتأويل ... وهكذا إلى آخر الكتاب، وسميته بالجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمنه من السّنّة وأحكام الفرقان. اهـ (٢).


(١) الجامع لأحكام القرآن ١/ ٣.
(٢) الجامع الأحكام القرآن ١/ ٣.

<<  <   >  >>