(٢٢، ٢٣) من سورة القيامة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ٢٢ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ فهو يرى أن الآية الأولى محكمة والآية الثانية متشابهة، وعليه فيجب أن تكون الآية الثانية متفقة مع الآية الأولى، ولا سبيل إلى ذلك إلا بحملها عليها، وردها إليها.
[انتصاره لعقائد المعتزلة:]
إن الزمخشري لينتصر لمذهبه الاعتزالي، ويؤيده بكل ما يملك من قوة الحجة وسلطان الدليل، وإنا لنلمس هذا التعصب الظاهر في كثير من النصوص، وهو يحرص كل الحرص على أن يأخذ من الآيات القرآنية ما يشهد لمذهبه، وعلى أن يتأول ما كان منها معارضا له.
[انتصاره لرأي المعتزلة في أصحاب الكبائر:]
فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً [النساء: ٩٣] نجده يجعل لهذه الآية أهمية كبيرة في نصرة مذهبه، ويتيه بها على خصومه من أهل السنة، ويندد بهم حيث يقولون بجواز مغفرة الذنب وإن لم يتب منه صاحبه، وبأن صاحب الكبيرة لا يخلد في النار، فيقول مستغلا هذه الفرصة المواتية للاستهزاء من خصومه السنيين:«هذه الآية فيها من التهديد والإيعاد والإبراق والإرعاد أمر عظيم وخطب غليظ، ومن ثم روي عن ابن عباس ما روي من أن توبة قاتل المؤمن عمدا غير مقبولة، وذلك محمول منهم على الاقتداء بسنة الله في التغليظ والتشديد، وإلا فكل ذنب ممحو بالتوبة، وناهيك بمحو الشرك دليلا، وفي الحديث: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم» وفيه «لو أن رجلا قتل بالمشرق وآخر رضي بالمغرب لأشرك في دمه» وفيه «إن هذا الإنسان بنيان الله، ملعون من هدم بنيانه» وفيه: «من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله» والعجب من قوم يقرءون هذه الآية ويرون ما فيها، ويسمعون هذه الأحاديث العظيمة، وقول ابن عباس بمنع التوبة، ثم لا تدعهم أشعبيتهم وطماعيتهم الفارغة، واتباعهم هواهم، وما يخيل إليهم مناهم، أن يطمعوا في العفو عن قاتل المؤمن بغير