ومن هنا كان صلّى الله عليه وسلّم جامع القرآن في قلبه الشريف، وسيد الحفاظ في عصره المنيف، ومرجع المسلمين في كل ما يعنيهم من أمر القرآن وعلوم القرآن، وكان صلّى الله عليه وسلّم يقرؤه على الناس على مكث، كما أمره مولاه، وكان جبريل يعارضه إياه في كلّ عام مرة، وعارضه إياه في العام الأخير مرتين.
قالت عائشة وفاطمة رضي الله عنهما: سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل سنة مرة، وأنه عارضنا العام مرتين، ولا أراه إلّا حضر أجلي»(١).
أما الصحابة رضوان الله عليهم فقد أخذ القرآن قلوبهم، فأخذوا يتسابقون في حفظه- أحيوا ليلهم وسمع لبيوتهم في غسق الدجى كدوي النحل بالقرآن. بل عرفت منازلهم من سماع تلاوتهم للقرآن، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل،