للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً .. [البقرة: ١٧١]. ثم إنه يتوسع في الكلام عن الأحكام الفقهية عند ما يتناول آية من آيات الأحكام، فيذكر الأقوال والخلافات والأدلة إلى درجة يخرج فيها عن مراد الآية، كتفسيره لقوله تعالى:

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء: ١١] تجده يفيض في الكلام عما يفعل بتركة الميت بعد موته، ثم يذكر جملة الورثة ونصيب كل وارث منهم، ثم يقول بعد هذا:

فصل في بساط الآية، وفيه يتكلم عن نظام الميراث في الجاهلية قبل مبعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم.

[موقفه من الإسرائيليات:]

يمتاز هذا التفسير بالتوسع الكبير في ذكر الإسرائيليات دون تعقب من مؤلفه بشيء من ذلك، أو دون تنبيه إلى ما فيه من استبعاد وغرابة، وهذا يظهر أن الثعلبي كان مولعا بالأخبار والقصص إلى درجة كبيرة، وهو قد ألف كتابا في قصص الأنبياء كقصة أصحاب الكهف وروايته عن السدي ووهب وكعب الأحبار وإتيانه بما لا يعقل من قصتهم.

وجدير بالذكر أن الثعلبي لم يتحر الصحة في كل ما ينقل عن السلف، وقد لاحظ عليه السيوطي في الإتقان أنه يكثر الرواية عن السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس (١).

والثعلبي يذكر في تفسيره الكثير من الأحاديث الموضوعة خصوصا في فضائل السور، فهو يذكر في نهاية كل سورة حديثا أو اثنين في فضائلها، وهذا يدل على أن الثعلبي لم يكن له باع في معرفة صحيح الأخبار من سقيمها.

وهذا كله (كثرة الإسرائيليات والإتيان بالأحاديث الموضوعة .. ) قد أتى على الثعلبي باللوم والنقد له ولكتابه. يقول ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير:

«والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين وكان حاطب ليل، ينقل ما وجد في كتب


(١) الإتقان في علوم القرآن ٢/ ١٨٩.

<<  <   >  >>