لا ريب أن من أراد أن يتصدى لتفسير القرآن فعليه استجماع الشروط المعتبرة، حتى يكون أهلا لبيان مراد الله، ومن أولى بدهيات الشروط: صحة اعتقاد المفسر، حتى يمكن الركون إلى تفسيره، فلا يطمأن إلى كلام الملاحدة والمبتدعة، مهما سمت علومهم، لأنهم يبغون الفتنة، كدأب الباطنية وغلاة الرافضة وأهل البدع- قديما وحديثا-؛ لأن مقصودهم هو ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله بما يوافق ضلالهم.
وهناك من العلوم التي يجب توافرها في المفسر، حتى يتسنى له تفسير كتاب الله عزّ وجلّ، وقد بلغ بها السيوطي خمسة عشر علما، نستطيع أن نضعها في بضعة علوم أساسية.
[أولا: علوم اللغة العربية:]
هذا من أولى الضرورات التي يجب أن يتحلى بها كلّ قاصد لتفسير كتاب الله، الذي من أهم صفاته أنه بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء: ١٩٥] قُرْآناً عَرَبِيًّا [يوسف: ٢].
لذا قال الإمام مجاهد- شيخ المفسرين التابعين:«لا يحلّ لأحد يؤمن بالله وباليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب».
وقال الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه:(لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلّا جعلته نكالا)(١).
[ومن أهم علوم اللغة العربية:]
أ- علوم النحو:
يتغير معنى الكلام حسب موقعه الإعرابي، فينتقل المعنى من الكفر إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الكفر بتغير حركة الإعراب فيه، وهذا معنى ما أخرجه أبو عبيد عن