للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق: ٤].

فقد أشكل على بعض الأئمة معنى هذا الشرط، حتى قال الظاهرية: إن اليائسة لا عدة عليها إذا لم ترتب، وقد بين سبب النزول المراد من هذا الشرط، فقد أخرج الحاكم عن أبيّ بن كعب أنه لما نزلت الآية التي في سورة البقرة في عدد النساء، قالوا: قد بقيت عدد لم تذكر، وهي عدد الصغار والكبار فنزلت (١). فبين سبب النزول أن المعنى إن ارتبتم في حكمهن فعدتهن ثلاثة أشهر، والذين لم يقفوا على سبب نزول الآية، فهموا أن المعنى إن ارتبتم في حيضهن، فأشكل عليهم معناها، حتى قال بعضهم: بأن اليائسة لا عدة عليها.

والأمثلة التي تبين فائدة أسباب النزول كثيرة اكتفينا بالمذكور واقتصرنا على الصحيح منها.

وتجدر الإشارة إلى أن معرفة بعض أسباب النزول قد لا يقدم ولا يؤخر في قليل أو كثير كأن تنزل آية في زيد أو عمرو من الناس فالأمر سواء.

[حالات تعدد روايات أسباب النزول]

هذا بحث يشتمل على صور كثيرة نبدأ بالصور المتفق عليها ثم نثني بالمختلف فيها.

١ - لا خلاف بين العلماء أنه إذا تعددت أسباب النزول، وكانت رواية صحيحة وأخرى ضعيفة، فإنه يقدم الصحيح على الضعيف. من ذلك ما روي في أسباب نزول سورة: وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى [الضحى: ١ - ٣].

فقد روى البخاري أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اشتكى فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلّا قد تركك، فأنزل الله سورة الضحى .. (٢).


(١) نقل ذلك السيوطي عن الحاكم.
(٢) رواه البخاري في صحيحه. كتاب تفسير القرآن. سورة (والضحى)، ح (٤٩٥٠).

<<  <   >  >>