للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حكم ترتيب السور القرآنية]

[في ترتيب السور ثلاثة آراء:]

[١ - ترتيب جميع السور توقيفي،]

ويستدل أصحاب هذا الرأي بقصة معارضة جبريل القرآن على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهذا يعني أن جبريل كان يقرأ القرآن مرتبا بسوره وآياته.

وأقوى أدلة هذا الفريق هو إجماع الصحابة رضوان الله عليهم على المصحف العثماني وحرقهم لجميع المصاحف المختلفة الترتيب في السور.

[٢ - ترتيب جميع السور اجتهادي.]

ويستدلون على ذلك باختلاف مصاحف الصحابة في ترتيب السور، ولو كان الترتيب توقيفيا لما اختلفوا. وكذلك ما روي عن عثمان- رضي الله عنه- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قبض ولم يبين للصحابة أمر سورتي الأنفال وبراءة، وكانت الأنفال من أول ما نزل من القرآن وكانت براءة من آخر ما نزل، ولما ترك النبي صلّى الله عليه وسلّم البيان قال عثمان: كانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب «بسم الله الرحمن الرحيم» ووضعتها في السبع الطوال، فهذه القصة تدل على أن ترتيب السور كان أمرا اجتهاديا.

[٣ - ترتيب بعض السور توقيفي وبعضها الآخر اجتهادي.]

وقد وصف الزرقاني هذا القول بأنه أمثل الآراء وإليه ذهب فطاحل العلماء (١).

وأصحاب هذا الرأي وإن اتفقوا على هذا التقسيم إلّا أنهم اختلفوا في مقدار التوقيفي والاجتهادي.

وعلى أية حال فإن الذي لا مجال للشك فيه أن كتابة القرآن بترتيبه المعروف في السور والآيات قد أجمعت عليه الأمة، منذ الجمع الأول والثاني وحتى عصرنا الحاضر.

لذا نميل إلى الرأي الأول، لأن إجماع الصحابة وإقرارهم كاف للدلالة على توقيف ترتيب السور، ولا نعلم عنهم خلافا، فكفى بذلك دليلا وبرهانا، والله أعلم.


(١) مناهل العرفان ١/ ٣٤٩.

<<  <   >  >>