للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ومثال تفسير القرآن بالحديث:]

عند تفسير قوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ [آل عمران: ٩٦].

« ... قال القاضي أبو محمد ويؤيد هذا التأويل ما قال: أبو ذر- رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع أول؟ قال: «المسجد الحرام» قلت: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى» قلت: كم بينهما قال: «أربعون سنة» (١).

والحديث أخرجه البخاري في صحيحه باب أي مسجد وضع في الأرض (٢).

وأما أمثلة التفسير بأقوال الصحابة فيمكن الوقوف عليها في تفسيره (٣).

وأما التفسير بالرأي فمثاله عند تفسير قوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران: ٦٤].

فبعد أن استعرض معاني كلمة سواء، وأقوال العلماء في تفسيرها، قال: (والذي أقوله في لفظة «سواء»: إنها ينبغي أن تفسر بتفسير خاص بها في هذا الموضوع، وهو أنه دعاهم إلى معان، جميع الناس فيها مستوون، صغيرهم وكبيرهم، وقد كانت سيرة المدعوّين أن يتخذ بعضهم بعضا أربابا، فلم يكونوا على استواء حال، فدعاهم بهذه الآية إلى ما تألفه النفوس من حق لا يتفاضل الناس فيه .. ) (٤).

لقد أولى ابن عطية عناية فائقة باللغة والنحو، فعرض لأصل الألفاظ واشتقاقها وبيان معانيها وأوجه الإعراب فيها، وكثيرا ما كان ينقل آراء النحويين من البصريين والكوفيين، وقد يتعرض لها بالترجيح والتصحيح أو بالرد والتضعيف، وأكثر من الشواهد الشعرية في أغراض مختلفة ومقاصد متعددة.


(١) ابن عطية، المحرر الوجيز ٣/ ١٦٣.
(٢) صحيح البخاري (٣٣٦٦).
(٣) المحرر الوجيز ٢/ ١٦٠، ٣/ ١١٨.
(٤) ابن عطية ٣/ ١١٤.

<<  <   >  >>