للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعالج ابن جرير الكثير من الأحكام الفقهية كثيرا في تفسيره، ويذكر أقوال العلماء ومذاهبهم، ويخلص من ذلك برأي يختاره لنفسه. ويرجحه بالأدلة، وهذا ليس بغريب، لأن ابن جرير- كما ذكرنا- مجتهد له مذهب خاص به، عالم في مذاهب العلماء وأقوالهم.

وترى ابن جرير يخوض في تفسيره في مسائل الكلام كثيرا، مما يدل على أنه كان عالما في مسائل العقيدة، فتراه يستشهد بالآية على مسألة في العقيدة، وتراه يناقش مسألة أخرى ويرد على المعتزلة كثيرا في تفسيره وعلى القدرية، ويصفهم بالغباء فيما يذهبون إليه من الأقوال الغريبة، وذلك واضح في تفسيره خصوصا عند تفسيره لآيات الصفات.

٢ - ابن عطية الأندلسي (١):

هو القاضي عبد الحق بن عطية الأندلسي الغرناطي المالكي. ولد بغرناطة سنة ٤٨٠ هـ ونشأ فيها، وتربى في كنف أبيه القاضي الحافظ الذي أحاطه بأسباب العناية والرعاية، مما كان سببا في تكون شخصيته العلمية.

كان منذ صغره طموحا متطلعا، وقد لازمه هذا الطموح حتى برزت مواهبه، وعم إنتاجه وغدا شخصية علمية يشار إليها بالبنان. ويحدثنا الفتح بن خاقان عن صفات ابن عطية التي أورثته علوا في الرتبة وعظمة في المكانة، قال: «سابق الأمجاد في السؤدد جاهدا، حتى تناول الكواكب قاعدا» (٢).

[مكانته العلمية:]

قال لسان الدين ابن الخطيب: «كان ابن عطية فقيها عالما بالتفسير، والأحكام والحديث والفقه والنحو والأدب واللغة، له نظم ونثر، ولي القضاء (بالمرية) من حواضر الأندلس وكان غاية في الدهاء والذكاء» (٣).


(١) ترجمته: ابن بشكوال، الصلة: ٢/ ٣٨٦، والضبي، بغية الملتمس ص ٣٨٩. النباهي: تاريخ قضاة الأندلس ص ١٠٩، وابن الخطيب، الإحاطة ٣/ ٥٣١. الداودي: طبقات المفسرين ١/ ٢٦٠.
(٢) ابن خاقان، قلائد العقيان ٢/ ٢١٧.
(٣) ابن الخطيب ٣/ ٥٣٩.

<<  <   >  >>