للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ؟ النكاح الذي هو جماع؟ أم النكاح الذي هو عقد تزويج؟

قيل: كلاهما، وذلك أن المرأة إذا نكحت رجلا نكاح تزويج، ثم لم يطأها في ذلك النكاح ناكحها، ولم يجامعها حتى يطلقها، لم تحل للأول، لإجماع الأمة جميعا ... » (١).

أما ذكر القراءات في تفسيره، فإنه يذكر القراءات وينزلها على المعاني المختلفة، وكثيرا ما يردّ القراءات التي لا تعتمد على الأئمة الذين يعتبرون عنده وعند علماء القراءات حجة، والتي تقوم على أصول مضطربة، فمثلا عند قوله تعالى:

وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً [الأنبياء: ٨١] يذكر أن عامّة قراء الأمصار قرءوا (الريح) بالنصب على أنها مفعول لسخرنا المحذوف، وأن عبد الرحمن الأعرج قرأ (الريح) بالرفع على أنها مبتدأ ثم يقول: والقراءة التي لا أستجيز القراءة بغيرها في ذلك ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه.

وجدير بالذكر أن ابن جرير كان من علماء القراءات المشهورين، وله كتاب في ذلك في ثمانية عشر مجلدا ولكنه ضاع مع الزمن، ولم يصل إلينا ككثير من مؤلفاته.

وابن جرير يأتي في تفسيره بأخبار مأخوذة من القصص الإسرائيلي، يرويها بإسناده إلى كعب الأحبار، وهب بن منبه وابن جريج والسدي ويتعقبها بالنقد، لكن تفسيره ما زال بحاجة إلى النقد الفاحص الشامل احتياج كثير من كتب التفسير الأخرى إلى ذلك النقد. ويحتكم ابن جرير في مواضع كثيرة من تفسيره إلى كلام العرب وشعرهم، كتفسيره لقوله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ٢٢] فيقول: «قال أبو جعفر: والأنداد جمع ند، والند: العدل والمثل، كما قال حسان بن ثابت:

أتهجوه ولست له بندّ ... فشرّكما لخيركما الفداء

يعني بقوله: لست له بند: لست له بمثل ولا عدل، وكل شيء كان نظيرا لشيء وشبيها فهو له ند» (٢).

أما اهتمام ابن جرير بالمذاهب النحوية فيظهر ذلك واضحا في تفسيره، ويذكر أقوال الكوفيين والبصريين ويوجه الأقوال ويستشهد بالنحو على ما يقول.


(١) جامع البيان ج ٢ ص ٢٩٠ - ٢٩١.
(٢) جامع البيان ج ١ ص ١٢٥.

<<  <   >  >>