للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[شكل المصحف وإعجامه]

الشكل: (هو وضع العلامات التي تدل على ما يعرض للحرف من حركة أو سكون).

أما الإعجام: (فخاص ببيان ذات الحرف، وتمييزه عن غيره، ويكون بالنقط كالتاء عليها نقطتان، والياء تحتها نقطتان ونحو ذلك).

وجدير بالذكر أن القرآن قد كتب خاليا من الشكل والإعجام، وقد كتبه عثمان بن عفان كذلك، ولم يخش عليه من الالتباس؛ لأن العرب يدركون القرآن بسليقتهم، وكان تلقيهم للقرآن عن طريق الرواية والسماع.

وطبيعي أن مخالطة العرب لغيرهم قد أفسدت هذه السليقة السليمة، وبدأ يظهر اللحن رويدا رويدا، وينتشر شيئا فشيئا، حتى بدا لزياد بن أبيه (١) والي البصرة أن يضع حدّا لهذه الظاهرة، بعد أن أشار عليه أبو الأسود الدؤلي بعد فزعه عند ما سمع رجلا يقرأ قوله تعالى: .. أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ .. [التوبة: ٣]. بجر اللام في «رسوله» بدل رفعها أو نصبها، فعهد زياد لأبي الأسود أن يقوم بهذه المهمة الجليلة، والتي كانت الحاجة إليها أمس وأقوى من الحاجة إلى الإعجام، وذلك أن الخطأ في حركات الحروف أضعاف الخطأ في إعجامها، وكان الشكل في البداية بالنقط، ولمّا أريد وضع الإعجام بالنقط، أصبح الأمر ملتبسا في التمييز بين الشكل والإعجام، فعمدوا إلى تغيير لون النقط، ثم جعل الشكل بالطريقة المعروفة لنا الآن، وبقي الإعجام هو المختص بالنقط، وقيل: إن الذي أمر بالإعجام هو الحجاج بن يوسف. وعلى هذا فالآمر بالشكل والآمر بالإعجام هما واليا العراق، وهم ثقفيان من ثقيف التي طالما استعملهم الأمويون في حكم العراق بالذات، لما عرفوا من شدّتهم في جاهليتهم وإسلامهم، والله أعلم.


(١) وقيل: الحسن البصري ويحيى بن يعمر وقيل: نصر بن عاصم الليثي وهؤلاء جميعا من التابعين.

<<  <   >  >>