للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحم الله أبا حيان فقد دافع في كتابه عن الإسلام، وما رأيت مفسرا أعظم منه في دفاعه عن القراءات القرآنية، ولا أعظم منه في رده على المفسرين من الفرق الأخرى كالزمخشري وغيره جزاه الله خيرا.

[ثالثا: التفسير الإشاري]

هو تأويل القرآن بغير معناه الظاهري الذي يدل عليه، مثل تفسير كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء الذين يفسرون القرآن بمعان صحيحة في نفسها ولكن القرآن لا يدل عليها (١).

فهذا لا يحق أن يسمى تفسيرا وهو خطأ في الدليل وإن كان المدلول صحيحا.

قال الزركشي: كلام الصوفية في تفسير القرآن ليس بتفسير، وإنما هو معان ومواجيد يجدونها عند التلاوة، كقول بعضهم في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ [التوبة: ١٢٣] إن المراد النفس. يريدون أن علة الأمر بقتال من يلينا هي القرب، وأقرب شيء إلى الإنسان نفسه (٢).

واعلم أن تفسير الألفاظ القرآنية بغير ظواهرها لا يخلو من حالين:

١ - إذا كان العدول عن ظاهر اللفظ لمعان باطلة كالذي يدعيه أهل الباطل من باطنية وغيرها هو إلحاد، ولعله المراد من قول ابن الصلاح في فتواه، إنه كفر لأنه خطأ في الدليل والمدلول معا.

٢ - وإذا كان العدول عن ظاهر اللفظ ولكن إلى معنى صحيح في ذاته فلا يصح تسميته تفسيرا، لأن التفسير هو إمعان النظر في مراد الله من هذا اللفظ، وما لا يحمله اللفظ لا يعد تفسيرا بحال من الأحوال، لأنه سلب للفظ القرآن لما دل عليه وأريد به.

ولعل هذا مراد الذي وصف تفسير الرازي أنه ليس بتفسير، لما رآه من أقوال للصوفية أحيانا، ولعلماء أهل الكلام تارة أخرى.


(١) الإتقان ٢/ ٢٢٨.
(٢) انظر البرهان ٢/ ١٧٠، ومناهل العرفان ٢/ ٧٨.

<<  <   >  >>