للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأحرف السبعة كلها مسموعة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد نزل بها الوحي.

أما إنها لغات سبع، فلما روي عن عثمان، أنه أمر كتبة الوحي إن اختلفوا مع زيد بن ثابت في كتابة شيء من القرآن أن يكتبوه بلغة قريش، لأنها اللغة الشائعة، فهي أحق من غيرها إذا وقع الاختلاف، فلغة قريش إذن معها لغات أخرى.

إن تفسير الأحرف السبعة باللغات السبع يلمس فيه وجه التخفيف والتسهيل، فالقبيلة قد تعتاد لهجة معينة يسهل عليها النطق بها، ويصعب عليها النطق بغيرها، وفي نزول القرآن بهذه اللغات، يسهل على أصحاب كل لهجة القراءة القرآنية على نحو ما اعتادت عليه نطقه، ورفع الحرج عن من لم يعتد عليه نطقا، وعلى الأخص الشيوخ والنساء والأطفال، وهذا ما بين وجه الحكمة في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن أمتي فيها الشيخ الفاني والعجوز الكبير والغلام». ثم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ .. ».

وقد يعترض على هذا القول فأي اللغات السبع تريد والعرب قبائل شتى؟ هل هي قريش وثقيف وهذيل وهوازن وكنانة وتميم أو غيرها؟

وما هو الدليل على تعيين هذه اللغات أو اللهجات السبع التي نزل بها القرآن، علما بأن القبائل العربية كثيرة ولهجاتها لا تعد.

أقول: إن الأحرف السبعة هي لغات سبع اشتهرت شهرة بين العرب ولم يعينوا من هم، ولكنها سبعة على أية حال، قد عرفنا لغة قريش على وجه التأكيد، بل منهم من يرى

أنها سبع لغات من لغات قريش. أورده النيسابوري في تفسيره قائلا: أكثر العلماء على أنها سبع لغات من لغات قريش، لا تختلف ولا تتضاد، بل هي متفقة المعنى، ثم يقول: وغير جائز عندهم أن يكون في القرآن لغة لا تعرفها قريش. ذلك أن قريشا تجاور البيت، وكانت العرب تأتي إليهم للحج، ويستمعون لغاتهم، ويختارون من كل لغة أحسنها كلاما، واجتمع لهم ذلك العلم بلغة غيرهم (١).


(١) في مقدمة الغرائب للنيسابوري.

<<  <   >  >>