للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>


هذه الزيادة قول الحافظ بن حجر: وقد روى الأئمة هذا الحديث من رواية مالك، ويونس ومعمر، وصالح بن كيسان وعقيل وغيرهم من الحفاظ عن الزهري فلم يذكروها- أي الزيادة (الشيخ والشيخة)، ووقوع الزيادة في الموطأ من رواية يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب لا يقاوم عدم ذكرها من رواية الجماعة وفي طليعتهم الإمام مالك رحمه الله.
وقول عمر رضي الله عنه: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها في آخر القرآن معارض لما جاء في حديث أبي بن كعب عند النسائي والحاكم من قوله: ولقد كان فيها- أي في سورة الأحزاب- آية الرجم (الشيخ والشيخة) ولو كانت موجودة في سورة الأحزاب فكيف لم يعرفها عمر مكتوبة فيها؟ ويقول: (لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها في آخر القرآن).
وفي رواية عنه قد قرأناها: الشيخ والشيخة، وهذا يدل على أن الذين قرءوها جماعة فأنى ذهبت؟ وكيف يخشى عمر بن الخطاب قالة الناس- وهو من هو في قوة الدين، وشدة الشكيمة وصلابة الشوكة ومضاء العزيمة، وشدة البأس- في أمر يجب عليه أن يقوم به ولو كان في ذلك حتفه، وجميع مواقف عمر في الإسلام تشهد بأن هذا بعيد جدا عن خلائقه وأخلاقه وليس في حديث زيد بن ثابت أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الشيخ والشيخة» ما يشعر قط أن هذا قرآن منزل من عند الله، وزيد بن ثابت أكثر كتّاب الوحي لزوما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأعظمهم حظا في كتابة وحي القرآن، فلو كان الذي سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرآنا لأمره النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يكتبه في المصحف.
وفي حديث خالة أمامة بن سهل أنها قالت: لقد أقرأنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آية الرجم، ولم يبين هذا الحديث نص الآية المزعومة، وقد جاء في هذه الرواية زيادة (بما قضيا من اللذة) وهذه زيادة لا وجه لذكرها، لأن قضاء اللذة ليس خاصا بالشيخ والشيخة، فهي زيادة تشير إلى ضعف الرواية، كما أن هذه الزيادة (بما قضيا من اللذة) إلى جانب أنها لفظة لم تعهد في ألفاظ القرآن واستعمالاته، فسبيلها سبيل لفظي (الشيخ والشيخة) كما أنها بعيدة عن مواقعة الأدب اللفظي والمعنوي.
وقد روى أبو عبيد القاسم بن سلّام حديث خالة أمامة بن سهل فقال بعد سرد سنده: عن أبي أمامة بن سهل أن خالته قالت: لقد أقرأنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آية الرجم: الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة.
وأبو عبيد صاحب طامات في هذا الموضوع، رواها عنه السيوطي في الإتقان. وفي حديث مروان بن الحكم عند النسائي أنه قال لزيد بن ثابت: ألا نكتبها في المصحف؟ قال زيد رضي الله عنه: لا، ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان، وهذا يفيد أن زيد بن ثابت لم يتحقق عنده أن ما سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قول (الشيخ والشيخة) قرآن تجب كتابته في المصحف.

<<  <   >  >>