للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يكون خفاء المعنى للفظ لا على جهة التساوي، مثل أن يكون أحد المعاني مرجوحا والآخر راجحا، مثل الآيات المتعلقة بالصفات، وكالحروف التي افتتح الله بها بعض سور القرآن: ق، ن، ص، حم وغيرها.

فمن العلماء من قال إنها سرّ استأثر الله بعلمه، ومنهم من فسرها، ولكنهم اختلفوا في معانيها اختلافا كثيرا، فمنهم من رجح أن فواتح السور أسماء للقرآن الكريم ذكره السيوطي وقال: أخرجه عبد الرزاق عن قتادة.

ومنهم من قال: هي أسماء لله وقد أقسم الله بها.

وذهب الزمخشري إلى استنباط معنى مبناه العقل، وقد استحسنه كثير من العلماء فقالوا في معنى هذه الحروف: إن هذه الحروف المفتتح بها بعض السور، منها تتكون الكلمة، ومن الكلمات تتألف الجمل، ومن الجمل يتألف الكتاب، والقرآن مؤلف من مثلها ولا يخرج عنها، فإن كان باستطاعتكم الإتيان بمثله، فأتوا بذلك، وإن عجزتم فاعلموا أن هذا القرآن من عند الله، ولذلك فقد غلب على السور المفتتحة بالحروف أن يعقب ذلك بيان أن القرآن من عند الله:

الم ١ ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ .. [البقرة: ١ - ٢]. حم ١ تَنْزِيلُ الْكِتابِ .. [غافر: ١ - ٢] (١). يس ١ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: ١ - ٢]. ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق: ١]. ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص: ١].

وللزمخشري كلام طويل استوفاه في مطلع سورة البقرة، ونجد المفسرين يسهبون في معناه عند قوله تعالى: الم ١ ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة: ١ - ٢].

وهناك مزاعم لا يعتد بها كالذي تكلم في معنى الحروف واستنبط منها أعمار الأمم وآجالها. ومنهم من استخرج فتوح بيت المقدس في سنة معينة، وقد فندها أبو بكر بن العربي وقال: وقد تحصل لي فيها عشرون قولا وأكثر، ولا أعرف أحدا يحكم عليها بعلم ولا يصل منها إلى فهم.


(١) وسورة الجاثية: آيتان: ١ - ٢، وسورة الأحقاف: آيتان ١ - ٢.

<<  <   >  >>