دفنهم أو بعده، وجعل مسحة من يديه تردّ الأعمى بصيرا، وتبرئ الأكمه والأبرص ويكون سليما، وأية معجزة أعظم من إحياء الموتى، وأعلم الناس إدراكا لهذه المعجزة هم أولئك الذين يعرفون الطّبّ وعلومه، وهم أقدر الناس على التمييز بين إحياء حقيقي أو إحياء مزعوم موهوم، قادرون على معرفة الفارق بين حياة حقيقية بعد موت محقق، أو إغفاءة نتيجة سكرات المرض ثم صحوة منه.
وقل مثل ذلك في معجزة النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلقد بعث الله تعالى محمدا صلّى الله عليه وسلّم في قوم كان الكلام بضاعتهم، فرسان البلاغة والفصاحة والبيان، الشعر والخطابة البليغة زادهم وشرابهم، قصيدة تجذبهم فتكون وكأنها معبود لهم، فتعلق في الكعبة في أعزّ مكان وتكون من المعلقات، كانت أسواقهم تبادلا وتداولا، يتبادلون بضائعهم ويتداولون أشعارهم.
فجاءتهم معجزة من جنس ما عرفوا وألفوا، فتحداهم بالمعروف عندهم والمألوف لديهم.
بعد كلّ هذا قد يدور في خلدنا حيرة وتساؤل، كيف ولم لم تؤمن الشعوب والأمم برسالات الرسل عليهم السلام؟ لم بادروهم بالتكذيب والجحود بعد مشاهدة المعجزات البينات؟! أقول إن الإنكار والجحود والكفر قديم قدم الرسالات السماوية، والكافرون هم الأكثر عددا، والذين خلقوا لجهنم هم الكثير من الناس: