٥ - حبذا لو استاك أو نظف فمه لأنه سوف ينطق بكلام الله سبحانه وتعالى وسوف يجرى الكلام فيه ليخرج من مخارج حروفه، فالأولى أن يكون الفم ذا رائحة زكية إن أمكن ذلك.
٦ - وإذا كان حظ اللسان من التلاوة تصحيح الحروف بالتلاوة، وحظ العقل تفسير المعانى، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر، فينبنى على ذلك أنه إذا جلس المؤمن للتلاوة حاضرا بعقله، وقلبه، ولسانه فقد صدق مع نفسه، ومع الله، ومع كلام الله. وإذا كان أمر المؤمن كذلك، فلا بد أن عقله سوف يتدبر ما يتلوه من آيات الله، فإذا تدبر العقل، استشعر المؤمن من خلال الآيات فتحا من الله وقبولا، فلا يكتفي بما يبدو من ظاهر الكلام، وإنما يستشعر قلبه معاني خفية، هي نفحات من عند الرحمن لعبده الذي أقبل عليه وقد ألقي خلف ظهره كل أمور دنياه، وخلص لمولاه وحده. ومع هذا الحضور بالنفس، والعقل، والقلب سوف يشعر بقرب الله تعالي منه، ويحس أنه في حضرته، فإذا تلا أمرا من أوامره، أو نهيا من نواهيه خضعت نفسه منصاعة، وقالت سمعا وطاعة. وإذا تلا من كلام الله آية وعيد وجل قلبه وظن أنه هالك لا محالة فيتوب، وإذا كانت آية وعد استبشر خيرا واطمأن قلبه، فإذا مر بذكر النار تعوذ منها ومن عذابها، واذا جاء ذكر الجنة انشرح صدره واشتاقت نفسه إليها وألح في طلبها.
٧ - أن ينتقي لنفسه مكانا بمعزل عن كل ما يلهيه ويصرفه عن الاندماج في معاني الآيات (كالمذياع والتلفاز والأماكن التي تعج بالضوضاء وأهل اللغو والفراغ).
٨ - أن يزين قراءته ويحسن صوته بها وإن لم يكن حسن الصوت حسّنه ما استطاع. فالقراءة السليمة المجودة المتقنة إذا زانها صوت حسن ندىّ كانت فضلا من الله ومنة على من قرأ ومن سمع، وصرف الله إليها الجن والملائكة يستمعون