لها، وصغت لها أسماع المؤمنين وقلوبهم، وما من دليل على ذلك أبلغ من تأثر الرسول الكريم نفسه بالأصوات الحسنة وتأثيرها على نفسه ويقينه بمدى تأثيرها على النفوس لذا نراه حين أقر صيغة الأذان لأول مرة فى الإسلام لم يكلف من حدثه بها أن يؤذن بل قال له:«اذهب إلى بلال فعلمه إياها فإنه أندى منك صوتا ... ». وقال أيضا:«زينوا القرآن بأصواتكم». ومن قوله أيضا:«ما أذن الله لشيء ما أذن لنبى حسن الصوت يتغنى بالقرآن» ولقد سمع عبد الله بن مسعود يقرأ فى صلاته فقال: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم معبد» فقد كان عبد الله ابن مسعود مشهورا بحسن الصوت وجودة الترتيل ودقة الأداء حتى أن الرسول نفسه طلب منه أن يقرأ عليه القرآن عند ما أحب أن يسمعه من غيره. ولا ننسى أن نذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعبر بأسلوب فى منتهى البلاغة عن مدى إعجابه بصوت أبى موسى الأشعرى عند ما قابله فقال له:
«لو رأيتنى وأنا أسمع قراءتك البارحة!! لقد أوتيت مزمارا من مزامير داود».
فقال أبو موسى: لو علمت أنك تسمع قراءتى لحبرتها لك تحبيرا» أى لجودتها وحسنتها وزينتها لك تزيينا. على أنه ينبغى للقارئ أن يضع نصب عينيه حدا فارقا جليا بين ما هو تزيين وتحسين للصوت قصد به أن يكون جواز مرور يفتح آذان السامعين ويسمح للمعانى القرآنية أن تتجاوز عتبات أسماعهم لتنفذ إلى أعماق قلوبهم ومداركهم وعقولهم، وبين ما هو ترنم وتنغيم لأجل التطريب. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اقرءوا القرآن بملحون العرب وألسنتها، وإياكم ولحون أهل العشق، ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدى قوم يرجعون القرآن ترجيع أهل الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم»(١).
٩ - التوقف عن القراءة عند التثاؤب ثم الاستئناف بعده.
١٠ - أن ينهى قراءته بتصديق ربه (أي قوله: صدق الله العظيم) وأن يشهد
(١) نوادر الأصول، وجمال القراء للسخاوي/ عن حذيفة وأبي داود رضى الله عنهما.