للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والوظيفتان الرئيستان بعد ذلك في عهد قصي هما اللواء والقيادة، والأولى هي الراية تعقد فيجتمع إليها المحاربون، يسلمها قصي لمن يتولى القيادة العامة. والقيادة هي قيادة الجيش عند الحرب وقد يتولاها بنفسه أو ينيب عنه من يتولاها. وهاتان الوظيفتان كانتا موجودتين في تنظيم القبيلة العربية؛ فشيخ القبيلة هو الذي يعلن الحرب على القبائل الأخرى ويدعو المحاربين إلى الاجتماع، كما أنه يقود القبيلة في حروبها أو ينيب عنه من يقودها. وكل ما استحدثته قريش في هذه الناحية أنها وكلت أمر هذه الوظائف إلى عشائر معينة تتوارثها؛ وذلك لأنه لم يصبح لقريش بعد موت قصي زعيم عام ترجع إليه القبيلة؛ وإنما أصبح يحكمها الملأ وهم رؤساء العشائر الذين اعتبروا أنفهسم متساوين من حيث المبدأ، واقتسموا المناصب فيما بينهم.

هذه هي المناصب الرئيسة الستة التي برزت في عهد قصي، والتي اقتسمها بعد ذلك أبناء عبد الدار، وأبناء عبد مناف ابني قصي. ولكن تطلع البطون القرشية إلى التقدم والمشاركة في شئون مكة, وحرص الملأ على وحدة القبيلة وإرضاء العشائر؛ أدى إلى أن يستحدثوا عشر وظائف أخرى هي: العمارة: وهي مراعاة الأدب والوقار في البيت الحرام، فلا يتكلم فيه بهجر ولا رفث ولا ترفع فيه الأصوات. والحجابة: وهي قفل البيت وفتحه للزائرين. والمشورة: وهي أنهم لا يجتمعون على أمر حتى يعرضوه على صاحبها. والأشناق: وهي جمع الأموال الخاصة بالديات والمغارم والقيام على أدائها. والقبة: وهي خيمة تجمع فيها أسلحة الجيش. والأعنة: وهي قيادة الخيل. والسفارة: وهي الاتصال بالقبائل الأخرى في المنافرات والمفاوضات. والأيسار: وهي الأزلام التي يضرب بها عند هبل كبير الأصنام في جوف الكعبة. والحكومة: وهي الفصل في المنافرات والخصومات. والأموال المحجرة: وهي الأموال المسماة للآلهة١.

وحين ظهر الإسلام كان الشرف في قريش قد انتهى إلى عشرة رهط من عشرة أبطن وهم:

١- العباس من بطن هاشم، وإليه كانت السقاية وبقي له ذلك في الإسلام.

٢- أبو سفيان من بطن أمية، وعنده العقاب راية قريش؛ فإذا اجتمعوا على أحد سلمها له وإلا فهو صاحبها، وهذه الوظيفة هي وظيفة القيادة.


١ العقد الفريد ٢/ ٣١٣- ٣١٥.

<<  <   >  >>