للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحال عند الرومان ١؛ وإنما نعني أنه كان هناك شيء معترف به ومؤثر تقليدي من تمايز الناس بعضهم عن بضع, ووجود طبقات عليا وطبقات سفلى، وطبقات أشراف وطبقات سوقة وعوام. والآيتان من سورة الزخرف ٣١- ٣٢ اللتان نزلتا في صدد استنكار نزول القرآن على محمد الذي كان فقيرًا على الرغم من علو مركزه من ناحية النسب وعدم نزوله على رجل آخر عظيم: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّّا} [الزخرف] تساعدان على هذا الفهم، كما أن الآيات الأخرى تسنده وتؤيده٢. وآية سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات] إنما نزلت لتعلن للناس أنهم سواء في أصل الخلق وفي حق الحياة والاستمتاع بالحرية فيها، وأن أكرم الناس المتقون الذين يؤدون واجباتهم الدينية والدنيوية مستشعرين عظمة الله؛ وليسوا هم الكبراء والعظماء وأبناء البيوت الشريفة وأصحاب الثروات الطائلة، بسبب هذا التقليد الطبقي الذي درجوا عليه والذي جاءت الآية لهدمه, وإقرار المساواة بين الناس. وطبيعي أنه لا يمكن أن يقال: إنها استهدفت هدم التفاوت العام الذي كان ولا يزال من سنن الاجتماع البشري، والذي يتمثل في فقر فريق وغنى فريق، وقوة فريق وضعف آخر.


١ انقسم الشعب الروماني في عصر الجمهورية إلى خمس طبقات، وفقًا للنظام الذي يعرف بالتيموقراطية Timocrcy وهو النظام الذي تتحد فيه مكانة الفرد السياسية، من حيث حقوقه وواجباته، على أساس ما يملك من الثروة، وقد قامت إحدى الجمعيات الشعبية الرومانية وهي الجمعية المئينية Comitia Centuriata التي غدت أهم المجامع الدستورية الرومانية في عصر الجمهورية المتأخرة, على هذا الأساس التيموقراطي، حيث كان لكل طبقة عدد بعينه من المئينات وكان لكل مئن من هذه المئينات صوت في هذه الجمعية. وقد كان الانتماء إلى إحدى الطبقات يكفل للفرد حقوقًا سياسية لا تكون لأفراد الطبقة الأقل، وكان من نتيجة ذلك أن نالت طبقة الأشراف حقوقًالم يحصل عليها العامة، إلا بعد كفاح مرير متصل: انظر:
M.Cary, History of rome "new your ١٩٦٠" pp. ١١٠-١١١
٢ انظر سورة البقرة ١٦٦, والأحزاب ٦٧، وسبأ ٣٣، وغافر ٤٨.

<<  <   >  >>