للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن واحدًا من الأسرة المالكية في اليمن كان يشرف على شئون الطوائف المختلفة في شمال الحجاز١. ويقول: وقد بقيت البطون العربية عصورًا طويلة على موالاة ومناصرة لليهود دون أن يظهر عليهم شيء يدل على أنهم يتربصون لهم الغوائل، إلى أن أخذت دولة غسان تنصب لليهود المكائد وتحرض عليهم زعماء الأوس والخزرج ليفتكوا بهم. والظاهر أن دولة غسان لم تفعل هذا إلا بإيعاز من الدولة الرومانية الشرقية التي أرسلت أسطولها لمساعدة الحبشة في كفاحها ضد اليهود في اليمن، والتي كانت سياستها واضحة كل الوضوح في الجزيرة العربية أثناء القرن الخامس والسادس الميلاديين٢.

ولنا على هذه الأقوال اعتراضات:

أولًا: ليس من اليسير تحديد الزمن الذي وقع فيه حادث استنجاد مالك بن العجلان بأبي جبيلة، وهل كان بعد انتصار الأحباش على الحميريين أم قبله؟ والذي نستطيع استنتاجه من أقوال المصادر أن هذا الحادث وقع قبل الغزو الحبشي لليمن وانتصارها على الحميريين سنة ٥٢٥ م، ويحدد سديو سيادة الأوس والخزرج على يثرب بسنة ٤٩٢م ٣ وتسنده في ذلك المصادر العربية التي تقول: إن الحرب بين الأوس والخزرج استمرت مائة وعشرين سنة إلى الإسلام ٤. ولما كانت الحرب بين القبيلتين العربيتين في يثرب لم تقع إلا بعد تغلبهم على اليهود كان الزمن الذي حدده سديو مقبولًا، وكان صراع العرب مع اليهود واستنجاد أولئك بأبي جبيلة قبل هزيمة الحميريين٥.


١ ابن الأثير ٣٠٤١ "كان سفهاء بكر قد غلبوا على عقلائهم وغلبوهم على الأمر، وأكل القوي الضعيف فنظر العقلاء في أمرهم ورأوا أن يملكوا عليهم ملكًا يأخذ للضعيف من القوي فنهاهم العرب، وعلموا أن هذا لا يستقيم بأن يكون الملك منهم؛ لأنه يطيعه قوم ويخالفه آخرون، فساروا إلى بعض تبابعة اليمن، وكانوا للعرب بمنزلة الخلفاء للمسلمين، وطلبوا منه أن يملك عليهم ملكًا".
٢ ولفنسون ٦١.
٣ سديو ٥١.
٤ السمهودي١/ ١٥٢.
٥ تذكر المصادر أن أول حرب وقعت بين الأوس والخزر كانت في عهد أحيحة بن الجلاح، وكان هذا زوجًا لسلمى بنت عمرو النجارية التي تزوجها هاشم بن عبد مناف بعد طلاقها من أحيحة، فكأن هذه الحرب كانت في عهد هاشم وبينه وبين الهجرة حوالي مائة وعشرين سنة ". انظر فصل الزعامة في مكة. وانظر أيضًا ابن الأثير ١/ ٤٠٣، ابن هشام ١/ ١٤٨".

<<  <   >  >>