للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وورثوا ديارهم، فأقطعوا حلف الأوس، فقال: بأي! قال: بأي شيء؟ قال: إن في القوم حمية، قولوا لهم إنا نسينا شيئًا لم نذكره لكم، إنا قوم إذا كان النساء بالبيت، فرأى الرجل امرأة تعجبه قبلها ولمسها بيده؛ فلما قالوا ذلك للأوس نفرت، وقالوا: اقطعوا الحلف بيننا وبينكم، فقطعوه، فلما لم يتم لهم الحلف ذهبت النبيت أو بعضهم إلى خيبر.

فلما رأت الخزرج أن قد ظفرت بالأوس، افتخروا عليهم في أشعارهم، وقال عمرو بن النعمان البياضي: يا قوم إن بياضة بن عمرو قد أنزلكم منزل سوء بين سبخة ومفازة، والله لا يمس رأسي غسل حتى أنزلكم منازل بني قريظة والنضير على عذب الماء وكريم النخل. ثم راسلهم: إما أن تخلوا بيننا وبين دياركم نسكنها أو نقتل رهنكم، فهموا أن يخرجوا من ديارهم.

وبلغ من كان في المدينة من الأوس، فمشوا إلى كعب بن أسد القرظي فدعوه إلى المحالفة على الخزرج، ثم تحالفوا مع قريظة والنضير ثم أجمعوا أن ينزل كل أهل بيت من النبيت على بيت من قريظة والنضير، وأرسلوا إلى النبيت يأمرونهم بإتيانهم وتعاهدوا ألا يسلموهم أبدًا وأن يقاتلوا معهم حتى لا يبقى منهم أحد، فجاءتهم النبيت فنزلوا مع قريظة والنضير، فأخذت الخزرج في قتل الرهن، فقال لهم كعب بن أسد القرظي: إنما هي ليلة ثم تسعة أشهر وقد جاء الخلف. ثم أرسل إلى سائر الأوس في الحرب والقيام معهم على الخزرج فأجابوهم إلى ذلك، فاجتمع الملأ منهم واستحكم أمرهم ودخلت بينهم قبائل من أهل المدينة. فلما سمعت بذلك الخزرج اجتمعوا وخرجوا حتى أتوا عبد الله بن أبي، فقالوا: مالك لا تقتل الرهن؟ فقال: لا أغدرهم أبدًا وأنتم البغاة، وقد بلغني أن الأوس تقول: منعونا الحياة فيمنعونا الموت؟ ووالله ما يموتون أو تهلكوا عامتكم. فقال عمرو بن النعمان: انتفخ والله سحرك. فقال: إني لا أحضركم ولا أحد أطاعني أبدًا, ولكأني أنظر إليك قتيلًا يحملك أربعة في كساء. فاجتمع الخزرج ورأسوا عمرو بن النعمان.

ولبثت الأوس والخزرج ليلة يتصنعون للحرب، ويجمع بعضهم لبعض، ويرسلون إلى حلفائهم من قبائل العرب؛ فأرسلت الخزرج إلى جهينة وأشجع فأقبلوا إليهم، وأرسلت إلى الأوس إلى مزينة فجاءتهم، ثم ألتقت ببيعات -وبعاث من أموال

<<  <   >  >>