للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرحامكم" بمعنى أن النسب إنما فائدته هذا الالتحام الذي يوجب صلة الأرحام حتى تقع المناصرة والنعرة، وما فوق ذلك مستغنى عنه١.

ولقد كان أفراد القبيلة يعتقدون أنهم أفراد أسرة توالدت من أب واحد، بل ردّوا أصول القبائل كلها إلى أبٍ واحد وعنه نشأت هذه المجاميع الهائلة. ولكن بعض المؤرخين يشك كثيرًا في نسب القبائل؛ فإنه ليس من السهل معرفة الجد الأول لأسرة تتوالد منذ مئات السنين، وهم لم يخرجوا بعد عن عهد الفطرة، بل ذهب بعض المؤرخين إلى أكثر من ذلك، وتساءلوا هل ترجع العصبية حقيقيةً إلى أسرة أم إلى شيء آخر؟

وقد تناول هذا الموضوع المؤرخ الإنجليزي "روبرتسون سميث Robertson smith في كتابه: Kinship and Marriage in early Arabia" الذي يعد نموذجًا للبحث العلمي بالطريقة المستقصاة. وتتلخص نظريته في أن القبيلة ليست أسرةً، بل إنها خليط من الناس ككل الجماعات الأخرى، لا يربطها رابطة النسب، بل رابطة الصلة والتضامن، ثم رابطة الديانة الفطرية التي تسمى طوطمية Totemism وهذه الديانة عبارة عن مرحلة من مراحل الاعتقادات الفطرية توجد في المجتمعات الأولية "Primitive societies" ولا تزال موجودة عند القبائل التي لم تتحضر في أفريقيا وآسيا وأمريكا. وقد وجدت عند الأمم القديمة كاليونان والرومان واليهود وربما عند المصريين٢.

وكان هذا الطوطم "Totem" حيوانًا أو نباتًا أو جمادًا، تعبده القبيلة تعتقد أنها تناسلت منه بشكل خفيّ غامض، وأن دمه يجري في

عروقها، ويقول هذا المؤرخ سميث: إن هناك ثلاثة شروط أساسية لوجود الطوطمية Totemism:٣

١- أن توجد قبائل ذات أسماء حيوانية أونباتية أو جمادية.

٢- أن تعتقد هذه القبائل تناسلها من هذه الكائنات.

٣- أن تعبد هذه الكائنات.


١ عن العصبية والنسب. انظر مقدمة ابن خلدون من ١٤٥- ١٥٢.
٢ "انظر": Smith, P. ٢١٧- ٢٥١
٣ Op. Cit.P.٢١٩

<<  <   >  >>