للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول: إن هذه الأدلة متوافرة في المجتمع العربي القديم: فبنو كلب وبنو نمر وبنو أسد أسماء حيوانية، وبنو حنظلة اسم نباتي، وبنو صخر وبنو جندل اسمان جماديان. أما الشرط الثاني الذي يدل على التناسل فهو الكنية الموجودة في اسم القبيلة "بني"؛ فقبيلة كلب وقبيلة أسد مثلًا تقول: إنهم بنو كلب وبنو أسد، وهذا راجع لاعتقادهم أن القبيلة من أصل واحد١. وأما الشرط الثالث فإنه وجد في المجتمع لاعتقادهم القديم قبائل كانت تقدس حيوانات أو نباتات، ومعنى التقديس هنا هو أن يحرموا ذبح ذلك الحيوان أو النبات ويمنعوا أكله، وإذا مات الحيوان؛ فإنّهم يحتفلون بدفنه عند موته. ومن معبودات العرب القدماء يغوث وكان على صورة أسد٢ ونسر كان على صورة نسر٣، كذلك كانوا يعتقدون في العزّى تحلّ في ثلاث شجرات، فلما ظهر الإسلام أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بهدم معبد العزى وبقطع الشجرات.

كذلك كانت القبيلة العربية تعتقد أن دمها مقدّس يجب المحافظة عليه، مما يدل على اعتقادها بأنها متناسلة من معبودها؛ ولذلك فإن أي قتل من القبيلة يعتبر اعتداء على القرابة الروحية التي تربط القبيلة بعضها ببعض، ومن هنا تتضح قوة الثأر عند العرب القدماء، كذلك كان لا يدخل في القبيلة أجنبي إلا بعد إجراءات وطقوس للعمل على امتزاج دم هذا الأجنبي بالقبيلة نفسها.

وإذا ناقشنا نظرية سميث رأينا أنها لم تطبق تطبيقًا صحيحًا على المجتمع العربي؛ فإنه حقيقة توجد قبائل لها أسماء حيوان أو نبات أو جماد، لكن هذه الأسماء أسماء أشخاص وليست أسماء رموز أو طواطم، فإن القبائل التي تسمّت بهذه الأسماء لم تعتقد بانحدارها عن حيوان أو نبات أو جماد فبنو أسد مثلًا يعتقدون أنهم من نسل رجل يسمى "أسد" وليس من نسل الأسد الحيوان الرمز الإلهي "الطوطم" فقد ردّوا "أسد" نفسه إلى أب وإلى جد أعلى، ولم يعتبروه جدًا إلا لهذه القبيلة التي هي فرع من أصل كبير مردود إلى أب أعلى معروف بإنسانيته. وكذلك الحال في بني


١ op. cit. p. ٢٢٣- ٢٢٤
٢، ٣ ليس عند ابن الكلبي ما يشير إلى أن يغوث كان على صورة أسد أو أن نسرًا كان على صورة النسر، وودًا وسواعًا ويعوق، كانوا على صورة الناس "الأصنام ٥١" وأن يغوث كانت تعبده مذحج، ونسرًا كانت تعبده حمير "نفسه ٢٥".

<<  <   >  >>