فهد وبني حنظل وبني صخر وغيرهم. وهذه الأسماء مشهورة متعددة عند العرب وليست أسماء آلهة، كما أن هذه القبائل التي لم تعبد آلهة بهذه الأسماء بل لا يوجد من الأصنام العربية من هو بهذه الأسماء، وإذا كان "سميث" قد أشار إلى يغوث على أنه كان على صورة الأسد أو إلى نسر على أنه كان على صورة النسر، فإن ابن الكلبي لا يصفها بهذه الصفات؛ وإنما وصفها بأنها على صورة الآدميين، كما أن بني أسد لم يعبدوا "يغوث" ولم يوجد من يسمى بنو نسر. هذا إلى أن تقديس العرب لبعض الأشجار أو الأصنام لم يستتبعه انتسابهم لها، كما أن عبادة الحيوان أو الطير لم تكن موجودة في بلاد العرب، ولم يقدس العرب حيوانًا أو طيرًا فيحمونه ويحتفلون بدفنه كما هو الحال عند غيرهم. أما رابطة العصبية؛ فقد دعت إليها ظروف المجتمع القبلي وحاجة الناس فيه إلى التضامن الشديد حفظًا لدمائهم وأموالهم، في مجتمع لا توجد فيه حكومة مركزية تقيم القانون وتحمي الحقوق. وغاية ما في الأمر أنه وجدت آثار تشبه ما لهذا النظام الطوطمي في بلاد العرب، وليس ببعيد أن يكون هذا النظام قد مرّ في طور من أطوار بعض القبائل، إلا أنه لم يرتبط بأنساب العرب إطلاقًا.
وهناك مسألة أخرى تتصل بهذا الموضوع، وهي أنه كان في القبائل العربية ما يعرف بالخئولة والعمومة، والأولى هي القرابة من ناحية الأم، والثانية هي القرابة من ناحية الأب. ولقد كان للخئولة شأن جليل في العصر الجاهلي بخلاف ما كان لها في الإسلام. ومسألة الخئولة رابطة يردها "سميث" إلى الطوطمية فيقول: إن نظرية الطوطمية في المجتمعات العربية القديمة تحرم الزواج من داخل القبيلة نفسها، أي أن الإنسان لا يتزوج من قبيلته، بل يتزوج من خارجها. ولقد كانت المرأة تمكث في قبيلتها ولذلك نجد أن الطفل ينشأ فيجد نفسه بين أخواله ومن هنا كانت القبيلة تتعصب لزوج المرأة، والأولاد يتصعب لهم أخوالهم، ولما انتقلت الزوجة إلى قبيلة زوجها أصبح الأولاد يفخرون بأخوالهم عند اللزوم. ومع تقدم المجتمع انتقلت المرأة إلى قبيلة زوجها، وتخلفت عن ذلك ذكريات هي الأصل في الفخر بالخئولة والتعصب لها؛ إنما أخذت تظهر قوة العمومة نتيجة لوجود الزوجة بقبيلة زوجها. ولقد أدى ذلك إلى أنه بعد أن كان الزوج ضعيفًا بالنسبة لزوجته أصبح سيدًا عليها، وارتفع شأن العمومة لدى الأولاد الناشئين١.
١ Geralp de gaury, Rulers of Mecca, p. ٢٥. smith, p. ٩٢.