للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليمنة هي أولى القبائل التي أقامت، وأنها أقامت بعد أن تفجرت زمزم١. بينما تجري رواية أخرى بأنها كانت موجودة قبل ذلك وكان معها حول مكة قوم من العماليق٢. ثم شبّ إسماعيل وتزوّج فتاةً جرهمية ولدت له أولاده. وفي هذا المكان أقام إبراهيم وابنه إسماعيل القواعدَ من البيت الحرام وجعله محجًّا للناس. وفي هذا المكان قامت مكة حول البيت ومنه أخذت اسمها. وقد فسّر المؤرخون واللغويون العربُ اسم مكة تفسيراتٍ كثيرةً لغويةً وغيرَ لغويةٍ استنبطوها من مكانة الكعبة وقدسيتها في نفوس العرب٣ وهذه التفسيرات متأخرة بطبيعة الحال؛ واسم مكة سابق على هذه المفهومات. ولما كان قبائل الجنوب هي أول من استعمر هذا الوادي فالأرجح أن اسمها أخذ من لغة الجنوب٤ مستندًا إلى البيت الحرام، فمكّة أو "مكرب" كما ذكرها بطليموس كلمة يمنية مكوّنة من مك ورب، ومك بمعنى بيت فتكون مكرب بمعنى "بيت الرب" أو بيت الإله، ومن هذه الكلمات أخذت مكة أو بكة بقلب الميم باء على عادة أهل الجنوب.

ويقول المؤرخ بروكلمان: إنها مأخوذة من كلمة مقرب العربية الجنوبية ومعناها الهيكل، وفي التعليق على هذا الكلمة يقول صاحب الحاشية: "لقد سمّى القرآن مكة وبكة، وبكة هي الوادي ومكة لغة أخرى، ومنة "بعلبك" بمعنى وادي البعل، وهذا أدل على مركز مكة؛ لأن مكة في وادٍ غير ذي زرع. ثم إن "ما كورابا" -أو على الأصح "ماكارابا"- حسب اللهجة الآرامية

الشرقية لا السريانية الغربية. يصحّ أن تعني الوادي العظيم أو وادي الربّ، ولعل بطليموس أخذ الاسم من طريق "الآراميين"٥ ويرتاب سير وليم موير Sir W. muir في قصة ذهاب إبراهيم وإسماعيل إلى الحجاز ويرى أنها من صنع اليهود ابتدعوها

قبل الإسلام بأجيال ليربطوا بينهم وبين العرب برابطة قرابة، توجب على العرب حسن معاملة اليهود النازلين بينهم، وتيسر


١ ابن هشام ١/ ١٢٣- ١٢٤.
٢ الطبري ١/ ١٧٩- ٢/ ٣٧.
٣ ابن هشام ١/ ١٢٥- ١٢٦. الروض الأنف ١/ ٨١- ٨٢.
٤ Gerald de Gaury, ol. cit. p. ٢٤
٥ بروكلمان ١/ ٣٣.

<<  <   >  >>