الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد:
فكتاب «المحدث الفاصل» لأبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي (ت: ٣٦٠) من أوائل الكتب التي صُنِّفت في نقل مذاهب علماء الحديث واصطلاحاتهم في هذا العلم، وقد نال شهرة عظيمة، وكثر الاعتماد عليه بين أهل العلم وطلبته في معرفة مذاهب أهل الحديث، وقد نال ثناءهم واستحسانهم حتى قال الحافظ الذهبي - رحمه الله -: «ما أحسنه من كتاب! قيل: إن السِّلفي كان لا يكاد يفارق كمه - يعني في بعض عمره».
والكتاب جدير بالاهتمام لما يحويه من القواعد والضوابط والمفاهيم التي اعتمد عليها أئمة الحديث في تدوين السنة النبوية المشرفة وضبطها وروايتها، وذلك بالأسانيد الموثقة إلى قائليها، مما مكَّن لأهل العلم من نقل السنة نقلًا أمينًا موثَّقًا، ساعد على أن تجتاز نصوص السنة هذه الحقبة الزمنية الطويلة دون أن تطالها يد التغيير والتحريف.
فلا غرو أن يكون الكتاب محط نظر العلماء وطلبة العلم ومثار اهتماماتهم على مر العصور، فكثرت العناية به قراءة وضبطًا ودرسًا وتدريسًا، فها هو الحافظ البارع أبو الحسن الدارقطني (ت: ٣٨٥) - رحمه الله - على جلالة قدره يحمل الكتاب عن مؤلفه ويرويه عنه، وكذا رواه الحافظ الكبير الخطيب البغدادي بإسناده إلى المصنف.