إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فمما لا شك فيه أن أفضل ما أُنفقت فيه الأوقات وبُذل فيه الجهد هو خدمة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بتمييز ما يصح منها مما لا يصح، وتحرير أصولها وقواعدها، وبيان معانيها، ودفع مشكلها، وتوضيح متشابهها، وتقديمها للأمة غضة طرية، لا تشوبها شائبة ولا تدخلها شبهة.
ولا شك أنه ينبغي ربط الناس بتراث علمائهم الذين حفظ الله بهم الدين، ورفع بهم راية الإسلام؛ فإن العناية بكتب علماء المسلمين وتحقيقها وتصحيحها والتعليق عليها وإخراجها في صورة رائقة وثوب قشيب، ضرورة مُلِحَّة لا تقل أهمية عن الخدمة العلمية للقضايا الكلية والمسائل الجزئية، بل إن ذلك مما يعين المسلمين على الاستفادة من هذا التراث الاستفادة الكاملة، وحسن تفهُّم ما فيه من علم، ثم العمل به على بصيرة.
وهذا الكتاب الذي بين يديك أخي الفاضل كتاب «المحدث الفاصل» للإمام