وضبطهم وإتقانهم، ويبين أن عندهم من الفقه والدراية ما ليس عند غيرهم من الطاعنين عليهم.
ثم توجه إلى المحدثين ناصحًا لهم بأن يتفقهوا في الحديث ويتأدبوا بآدابه، وأن يتجنبوا ما يُعابون به، فقال:«فتمسكوا -جبركم الله- بحديث نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، وتبينوا معانيه، وتفقهوا به، وتأدبوا بآدابه، ودعوا ما به تُعيَّرون من تتبُّع الطرق وتكثير الأسانيد، وتطلُّب شواذ الأحاديث، وما دلسه المجانين، وتبلبل فيه المغفلون، واجتهدوا في أن توفوه حقه من التهذيب والضبط والتقويم، لتشرفوا به في المشاهد، وتنطلق ألسنتكم في المجالس ... »(١).
من أجل ذلك فقد ضمن كتابه مباحث في آداب طالب الحديث، وفضل من جمع بين الرواية والدراية، وكيفية كتابة الحديث وروايته، وغير ذلك.
إلا أني لم أجده قد راعى ترتيبًا معينًا لمباحث كتابه، ويمكن تقسيم مباحث الكتاب إلى خمسة محاور رئيسة:
[المحور الأول: فضل أهل الحديث]
أورد فيه مباحث في: بيان فضل أهل الحديث، وما قاموا به من جهد عظيم في سبيل الحفاظ على سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنهم جمعوا بين الرواية والدراية، وأن عندهم من العلم بأحوال الرواة وأسمائهم وأنسابهم وكناهم ومعاني الألفاظ والمتون ما
(١) ينظر: «الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري» لشيخنا الدكتور عبد المجيد محمود (ص: ١١٤).