للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، وعلى محمدٍ نبيِّ اللهِ وآلِه صلواتُ الله.

اعترضَتْ طائفةٌ ممَّن يَشْنَأُ الحديثَ ويُبغِضُ أهلَه، فقالوا بتَنَقُّصِ أصحابِ الحديثِ والإزْراءِ بهم، وأَسرفوا في ذَمِّهم والتَّقَوُّلِ عليهم، وقد شَرَّف اللهُ الحديثَ وفضَّلَ أهلَه، وأعلى منزلتَه، وحَكَّمه على كلِّ نِحْلةٍ (١)، وقدَّمه على كلِّ عِلمٍ، ورَفَعَ مِن ذِكْر مَن حَمَلَه وعُنِيَ به، فهم بَيْضَةُ الدِّينِ (٢) ومَنَارُ الحُجَّةِ.

وكيف لا يَسْتَوْجِبون الفضيلةَ، ولا يستحِقُّون الرُّتبةَ الرَّفيعةَ، وهم الذين حَفِظوا على الأُمَّةِ هذا الدِّينَ، وأَخبروا عن أنباء التَّنزيل، وأثبتوا ناسخَه ومنسوخَه، ومُحْكَمَه ومُتَشابهَه، وما عظَّمه اللهُ - عز وجل - به مِن شأنِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -، فنَقَلوا شرائِعَه، ودَوَّنوا مَشاهِدَه، وصَنَّفوا أعلامَه ودلائلَه، وحَقَّقوا مَناقبَ عِتْرَتِه، ومآثِرَ آبائِه (٣) وعَشِيرتِه، وجاءوا بسِيَرِ الأنبياءِ، ومَقاماتِ الأولياءِ، وأخبارِ الشُّهداءِ والصِّدِّيقين.

وعَبَّروا عن جميعِ فِعْل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، في سَفَرِه وحَضَرِه، وظَعَنِه (٤) وإقامَتِه، وسائرِ أحوالِه، مِن مَنامٍ ويَقَظَةٍ، وإشارةٍ وتصريحٍ، وصَمْتٍ ونُطْقٍ، ونُهوضٍ وقعودٍ، ومَأكَل ومَشْرَبٍ، ومَلْبَسٍ ومَرْكَبٍ، وما كان سبيلُه في حال الرِّضا والسَّخَطِ،


(١) النِّحلة، بالكسر: الدعوى. «تاج العروس» (ن ح ل).
(٢) البيضة: الخوذة، يريد أنهم حُماة الدين. وينظر: «النهاية في غريب الحديث» (ب ي ض).
(٣) في ي: «آياته»، والمثبت من ظ، س، ك، أ.
(٤) ظعن: سار، وظعن يظعن ظعنًا بسكون العين وفتحها، واخترتُ الفتح؛ لأنه ضبطه به في س، ك، أ مصححًا عليه، ي. وينظر: «النهاية في غريب الحديث»، و «مختار الصحاح» (ظ ع ن).

<<  <   >  >>