للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإنكار والقَبول، حتَّى القُلَامَةَ مِن ظُفْرِه ما كان يصنعُ بها، والنُّخَاعةَ (١) مِن فِيه أين كانت وِجْهَتُها، وما كان يقوله (٢) عند كلِّ فِعْلٍ يُحْدِثُه، ويَفعلُه عند كلِّ مَوْقِفٍ ومَشْهَدٍ يَشهدُه، تعظيمًا له - صلى الله عليه وسلم -، ومَعْرِفةً بأَقدار ما ذُكِرَ عنه وأُسْنِدَ إليه.

فمَن عَرَفَ للإسلام حقَّه، وأَوجبَ للرَّسول (٣) حُرْمَتَه - أَكْبَرَ أنْ يَحتقِرَ مَن عَظَّم اللهُ شأنَه، وأعلى مكانَه، وأظهرَ حُجَّتَه، وأَبانَ فضيلتَه، ولم يَرْتَقِ بطَعْنِه إلى حِزْب الرَّسول، وأتْبَاعِ الوَحْي، وأوعِيةِ الدِّين، ونَقَلَةِ الأحكامِ، والقَرْنِ (٤) الذين ذَكَرهم اللهُ - عز وجل - في التَّنزيل، فقال: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة: ١٠٠] فإنَّك إنْ أردتَ التوصُّلَ إلى معرفة هذا القَرْن، لم يَذْكُرْهم لك إلا راوٍ للحديث، مُتَحَقِّقٌ به، أو داخلٌ في حَيِّزِ أهلِه، ومَن سِوى ذلك فربُّك بهم أعلمُ.

وقد كان بعضُ شيوخ العلم، ممَّن جَلس مَجْلسَ الرِّياسةِ، واستحقَّها لِعلمِه وفضلِه، لَحِقَه بمدينة السَّلام (٥) مِن أهل الحديث جَفاءٌ، قَلِقَ عنده، وغَمَّه ما شاهَدَ مِن عَقْدِ المجالس ونَصْبِ المَنابر لغيره، وتَكَاثُفِ الناسِ (٦) في (٧) مجلسِ مَن


(١) في أ: «النخامة»، والمثبت من ظ، س، ك، ي، حاشية أ.
والنُّخاعة، بالضم: النخامة، وهو ما يتفله الإنسان. «تاج العروس» (ن خ ع).
(٢) في ك: «يقول»، والمثبت من ظ، س، أ، ي.
(٣) في ك: «للإسلام»، والمثبت من ظ، س، أ، ي.
(٤) في المطبوعة: «والقرآن» خطأ، والمثبت من جميع النسخ.
(٥) مدينة السلام هي بغداد. وينظر: «معجم البلدان» (٥/ ٧٩).
(٦) قوله: «وتكاثف الناس» الضبط بضم الثاء وكسر الفاء والسين من ظ، س، أ، ي، وضبطه في أ أيضًا بفتح الثاء والفاء وضم السين، وكتب فوقه: «معًا».
(٧) في ك، أمنسوبًا لنسخة: «من»، والمثبت من ظ، س، ي، حاشية أ مصححًا عليه.

<<  <   >  >>