استفاد منه القاضي عياض في كتابه القيم «الإلماع»، وكذلك ابن الصلاح في «علوم الحديث»، وكل من أتى بعده ممن صنف في اصطلاح أهل الحديث مثل العراقي والزركشي وابن حجر والبقاعي والسخاوي والسيوطي وغيرهم.
• كتب المتأخرين لا تُغني عن «المحدث الفاصل»:
شاع بين بعض طلبة العلم أن كتاب «المحدث الفاصل» وغيره من كتب الاصطلاح المتقدمة المسندة مثل: «معرفة علوم الحديث» للحاكم النيسابوري، و «الكفاية»، و «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» كلاهما للخطيب البغدادي، و «الإلماع» للقاضي عياض - لا فائدة منها الآن؛ لأنها وُضعت قبل استقرار الاصطلاح، أما وقد استقر الاصطلاح على يد ابن الصلاح، ومن بعده كالعراقي وابن حجر العسقلاني والسخاوي والسيوطي، فيُكتفى بهذه الكتب المتأخرة عن كتب المصطلح المسندة المتقدمة.
وهذا خطأ ظاهر، وقصور واضح، وسأبين ضعف هذه المقولة ووهاءها في النقاط التالية:
أولًا: أن اعتماد المتأخرين في تقرير الاصطلاح إنما هو على هؤلاء المتقدمين، فكما كانت كتب المتقدمين أصلًا لهم، يجب أن تكون أصلًا لنا، ولا يصح أن نعتمد على الفرع ونترك الأصل؛ إذ لو فعلنا ذلك لضعف فهمُ الاصطلاح عندنا، ولأصبحنا مقلدين للمتأخرين دون فهمٍ لأدلتهم وأصولهم. ولو اعتمدنا على الأصل وعرفنا المسائل الحديثية بأدلتها التفصيلية من الكتاب والسنة وأقوال أصحاب الحديث الأُول، لقويت عندنا المعرفة ولصرنا إلى الاجتهاد أقرب منا إلى