للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتَمَسَّكوا -جَبَرَكمُ اللهُ- بحديث نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم -، وتَبيَّنوا معانيَه، وتَفقَّهوا به، وتَأدَّبوا بآدابِه، ودَعُوا ما به تُعَيَّرون مِن تَتَبُّعِ الطُّرُق وتكثير الأسانيدِ، وتَطَلُّبِ شَوَاذِّ الأحاديث، وما دلَّسَه المجانين، وتَبَلْبَل فيه المُغَفَّلون، واجتهِدوا في أنْ تُوَفُّوه حقَّه مِن التهذيب والضَّبط والتَّقويم؛ لِتَشَرَّفوا به في المَشَاهد، وتَنْطَلِقَ ألسنتُكم في المجالس، ولا تَحْفِلوا (١) بمَن يعترضُ عليكم حسدًا على ما آتاكم اللهُ مِن فضلِه؛ فإنَّ الحديثَ ذَكَرٌ لا يُحِبُّه إلَّا الذُّكْرانُ (٢)، ونَسَبٌ لا يُجْهَلُ بكلِّ مكانٍ.

وكفى بالمُحَدِّث شَرَفًا أنْ يكونَ اسمُه مقرونًا باسم النبيِّ (٣) - صلى الله عليه وسلم -، وذِكْرُه مُتَّصِلًا بذِكْرِه وذِكْرِ أهل بيتِه وأصحابِه، ولذلك قِيل لبعض الأشراف: نَراك تَشْتهي أنْ تُحَدِّثَ؟ فقال: أَوَلَا أُحِبُّ أنْ يجتمعَ اسمي واسمُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سَطْرٍ واحدٍ!

وحَسْبُك جَمَالًا عُصْبَةٌ منهم عَلِيُّ بنُ الحُسين بن عَلِيٍّ - عليهم السلام -، ومَن يَليه مِن ذُرِّيتِه، وأهلِ بيت النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبناءِ المُهاجِرين والأنصار، والتابعين بإحسان، وأهلِ الزَّهَادة والعِبادة، والفُقَهاء وأكثرِ (٤) الخُلَفاء، ومَن لا يُدْرِكه الإحصاءُ مِن العلماء والنُّبَلاء والفُضَلاء، والأشراف وذوي الأخْطَار (٥)، فكيف بمَن


(١) لا تحفلوا، بكسر الفاء: لا تبالوا ولا تهتموا. وينظر: «المصباح المنير» (ح ف ل).
(٢) في ك: «الذكر»، والمثبت من ظ، س، أ مصححًا عليه، ي.
(٣) «باسم النبي» في ك: «بالنبي»، والمثبت من ظ، س، أ، ي.
(٤) في ظ: «وأكبر»، والمثبت من س، ك، أ، ي.
(٥) الأخطار: جمع خَطَر، وهو القَدْر وعلو المكانة والمنزلة. وينظر: «تاج العروس» (خ ط ر).

<<  <   >  >>