للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زَيد بن ثابت، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «نَضَرَ (١) اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ غَيْرَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ (٢) عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ للهِ، وَمُنَاصَحَةُ أُولِي الْأَمْرِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَاءِهِمْ» (٣).

يقال: يَغِلُّ ويُغِلُّ، غَلَّ عَلَيَّ (٤) قلبُه يَغِلُّ؛ إذا كان ذا غِشٍّ، وأَغَلَّ يُغِلُّ؛ إذا كان ذا غَدْرٍ، ويُقال: ليس على المُؤتَمَنِ (٥) غيرِ المُغِلِّ ضَمانٌ. يُعْنَى (٦): غيرُ الخائنِ، وأُنْشِدَ:

حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بالوَفَاءِ ولم تَكُنْ ... بالغَدْرِ (٧) خَائنَةً (٨) مُغِلَّ الإِصْبَعِ (٩)


(١) الضبط بفتح الضاد المخففة من س، ك مصححًا عليه، أ، ي. وذهب المصنف إلى أن الضبط بالتخفيف هو الصواب دون التثقيل، كما سيبينه فيما يأتي، وقال غيره بجواز الوجهين مع ترجيح التخفيف. وينظر: «معالم السنن» (٤/ ١٨٧)، و «مشارق الأنوار» (٢/ ١٦).
(٢) الضبط بفتح الياء من س، ك، وضبطه في أ، ي بالفتح والضم معًا.
(٣) أخرجه أحمد (٢١٥٩٠)، وأبو داود (٣٦٦٠)، وابن ماجه (٤١٠٥)، والترمذي (٢٦٥٦) من طرق عن شعبة به، بعضهم بتمامه وبعضهم مقتصرًا على بعض أجزائه.
قال الترمذي: «حديث زيد بن ثابت حديث حسن»، وصححه ابن حبان في «صحيحه» (٦٨٠)، وابن عبد البر في «التمهيد» (٢١/ ٢٧٥)، والبوصيري في «مصباح الزجاجة» (٤/ ٢١٢)، والألباني في «الصحيحة» (٤٠٤).
(٤) «عليَّ» ليس في ظ، وألحقه في حاشيتها وضرب عليه، وأثبتُّه من س، ك، أ، ي.
(٥) الضبط بفتح الميم الثانية على صيغة اسم المفعول من ظ، ك، ي، وهو المناسب للسياق، وضبطه في س، أبالكسر على صيغة اسم الفاعل، وفيه بُعد.
(٦) الضبط بضم الياء وفتح النون من س، ك، أ، وهو في ظ بضم الياء فقط.
(٧) في مصادر البيت الآتية: «للغدر»، أي: من أجل الغدر، كما قال المبرد.
(٨) أي: خائن، والهاء للمبالغة، مثل: علَّامة ونسَّابة. «الصحاح» للجوهري (خ ون).
(٩) مغل الإصبع: خائن، والإصبع كناية عن النعمة. وهذا البيت نسبه أبو عبيدة في «مجاز القرآن» (١/ ١٥٨) للكلابي، وهو رجل من بني أبي بكر بن كلاب، وقيل: من بني نفيل بن عمرو بن كلاب، ولهذا البيت مع أبيات قبله قصة ذكرها المبرد في «الكامل» (١/ ٢٨١)، والجواليقي في «شرح أدب الكاتب» (ص: ٢٢٩)، وابن حمدون في «التذكرة الحمدونية» (٢/ ١٤٦).

<<  <   >  >>