للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أن يقضوا عليك إذا أراد اللَّه نَصْرَك؛ لِقَوْلِهِ: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}، هَذِهِ العداوة حسَب ما يقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وما عرض من القُرْآنِ، هل تكون لأتباعِ الرُّسُلِ أو لا؟

الجواب: تكون لأتباعِ الرُّسُلِ؛ لأَنَّهُمْ عادَوُا الرُّسُلَ لدعائهم للحق، يعني ما عادَوا الرُّسُل لأشخاصهم، ولهذا كان الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قبل البعثة عند قُريشٍ ليس عدوًّا، بل هم يسمُّونه الأمينَ، فما دامتِ العداوةُ مِنْ أجْلِ الدعوةِ إلى الدينِ فسوفَ تكونُ لكلِّ مَن دعا إلى الدينِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يدعو مثلًا إلى شريعةِ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو يدعو إلى ما دعا إليه النَّبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فلا بدَّ أن يَكُونَ له أعداءٌ كما كان للأنبياء أعداء، وعليه فالواجبُ على مَن دعا إلى الهدى وأُوذي أنْ يَصبِر، وأن يَتَأَسَّى بما جَرَى للرسلِ من قبله، والرُّسُلُ أعظمُ منزِلةً عند اللَّه منه، ومع ذلك مَكَّنَ أعداءهم مما فعلوه.

فَلَوْ قِيلَ فِي الجَوَاب: إنهم عادوا الرُّسُلَ، وهم أفضلُ الخَلق، كيف لا يعادون من سواهم؟

فالجواب: قد يقال: إنهم عادوا الرُّسُل واشتدت عداوتهم لهم لِأَنَّ تأثيرهم أشد، فَعَادَوهم أشد.

الْفَائِدَة الرابعة: أن الحقَّ يَتبيَّن بضدِّه؛ لِأَنَّ اللَّه جعل عدوًّا من المجرمينَ يُنابِذ الدعوةَ، فمِنَ الحِكْمَةِ في ذلك أن تتبيَّن الدعوة؛ لِأَنَّهُ إذا لم يكنْ لها معارِضٌ ما تَبَيَّنَتْ، لكِن إذا كان لها معارِض، وكلَّما أُتي بشُبهةٍ رُدَّ عليها، صار ذلك أَبْيَنَ وأوضحَ.

الْفَائِدَة الخامسة: ابتلاء اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للمؤمنِ؛ فَإِنَّهُ إذا كان الإيمانُ قويًّا فَإِنَّهُ يصمد أمام هَذِهِ الشُّبُهات، وأمام هَذِهِ العداوة، وإذا كان ضعيفًا فَإِنَّهُ يتأثَّر، فهذا من

<<  <   >  >>