نقول: الإعراب: {وَالْمُقِيمِينَ} هَذِهِ على تقدير: وأخصّ أو أمدَح المقيمينَ للصلاة.
إِذَا قَالَ قَائِلٌ: ما الحِكْمَةُ في قَطْعِ العطف إلى هَذَا التقدير؟
نقول: العِنَاية بالصلاةِ، هَذِهِ فائدةٌ مَعنويَّة، وتُوجَدُ أيضًا فائدة لفظيَّة، وهي التَّنْبِيه؛ لأنَّ تغيُّرَ الأسلوبِ يُوجِب الانتباهَ، لو قَرَأْنا الآيةَ كلَّها على نَسَقٍ وَاحِدٍ مَشَيْنا، لكِن حِينَما تَقِف يَكُونُ في هَذَا التنبيهُ.
وأمَّا إعرابُ قولِه تعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} {وَالصَّابِئُونَ} هنا لماذا رُفعت؟ نقول: {وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} يجوز أنَّ النصارَّى مرفوعة أيضًا، ويمكِن أن تكونَ منصوبةً، فهي مُحْتَمِلة، لكِن لا يَتعيَّن أن تكونَ منصوبةً، فتكون (الواو) هنا للاستئنافِ، (والصابئون والنصارَى كذلكَ) هَذَا التقدير، وتكون هَذِهِ الجُملة مستأنَفةً بين الكَلِمَتينِ، أو نقول: {وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} هو الخبر، وحُذف الخبرُ مِنَ الجُملةِ الأُولى.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما الفرق بين هَذِهِ الآية وقوله في سورة الحج: {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج: ١٧]؟
الجواب: في هَذِهِ الآية قال: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، واليهود مؤمنون باللَّه واليوم الآخِرِ، في سورة الحج {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الحج: ١٧]، فلم يذكرْ أن جزاءهم الجنَّة مثلًا، ذكر أن اللَّه يفصِل بينهم، والفصل شامِل للمؤمنينَ والمشركينَ والمجوسِ وغيرِهم، ففرق بين الآيتينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute