من ذَلِك عَلَيْهِ ولايجوز وَصفه بِهِ وَهَذَا أَيْضا مُتَعَارَف فِي اللُّغَة أَن يُقَال فلَان فَوق فلَان وَيُرَاد بذلك رفْعَة الْمرتبَة والمنزلة وَالله عز وَجل فَوق خلقه على الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
وَإِنَّمَا يمْتَنع الْوَجْه الثَّالِث وَهُوَ أَن يكون على معنى التحيز فِي جِهَة الإختصاص ببقعه دون بقْعَة وَإِذا قُلْنَا أَنه فَوق الْأَشْيَاء على هَذَا الْوَجْه قُلْنَا أَيْضا فِي تَأْوِيل إِطْلَاق القَوْل بِأَنَّهُ فِيهَا على مثل هَذَا الْمَعْنى وَقد رَأينَا فِي اللُّغَة تعاقب هذَيْن الحرفين على الْوَجْه الَّذِي ذكرنَا شواهده من آي الْقُرْآن وَالشعر
سُؤال فَإِن قَالَ قَائِل فَإِذا أجزتم أَن يُقَال أَنه فِي السَّمَاء وَفِي الأَرْض على معنى أَنه فَوْقهَا أفتجيزون أَن يُقَال إِنَّه فِي كل على مثل هَذَا الْمَعْنى
قيل إِنَّمَا يُطلق من ذَلِك مَا ورد بِهِ أثر ونطق بِهِ سمع وَلَيْسَ للْقِيَاس عندنَا فِي ذَلِك مدْخل بِوَجْه من الْوُجُوه
قُلْنَا إِن صَحَّ هَذَا الْخَبَر كَانَ طَرِيق تَأْوِيله على نَحْو تَأْوِيل الْآيَة فِي قَوْله عز وَجل {أأمنتم من فِي السَّمَاء} إِنَّمَا زعم مخالفونا أَنه وَاجِب أَن يُقَال
إِن الله تَعَالَى فِي كل مَكَان ورد بِهِ خبر أَو لم يرد سوى من وَافَقنَا مِنْهُم فِي أَخذ أَسْمَائِهِ عَن التَّوْقِيف خُصُوصا وَلَا تَوْقِيف على هَذَا الْمَعْنى بِوَجْه بِأَن الله تَعَالَى فِي كل مَكَان فَمَتَى رجعُوا فِي معنى إِطْلَاق ذَلِك إِلَى الْعلم وَالتَّدْبِير كَانَ معناهم صَحِيحا وَاللَّفْظ مَمْنُوعًا
أَلا ترى أَنه لَا يسوغ أَن يُقَال إِن الله تَعَالَى مجاور لكل مَكَان أَو مماس لَهُ أَو حَال أَو مُتَمَكن فِيهِ على معنى أَنه عَالم بذلك مُدبر لَهُ