كَذَلِك كَانَت عَلَامَات الْحَدث فِيهِ قَائِمَة وَذَلِكَ أَن الْمُوَحِّدين إِنَّمَا توصلوا إِلَى الْعلم بِحَدَث الْأَجْسَام من حَيْثُ وجدوها متناهية محدودة محلا للحوادث فَكَانَ تعاقبها عَلَيْهَا دَلِيلا على حدثها وَلنْ يجوز أَن تقوم دلَالَة الْحَدث على الْقَدِيم الَّذِي لم يزل مَوْجُودا وَإِذا كَانَ هَذَا الأَصْل صَحِيحا بِمَا كشفنا عَنهُ وَجب أَن يحمل ذَلِك على النَّوْع الَّذِي بَيناهُ وقررناه وَيشْهد لذَلِك يُؤَيّدهُ قَوْله عز وَجل {كلا إِنَّهُم عَن رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون}
فَجعل الْكفَّار محجوبين عَن رُؤْيَته بِمَا خلق فيهم من الْحجاب وَالْمَنْع مِنْهَا وَلم يصف نَفسه بالإحتجاب وَلَا بِأَنَّهُ هُوَ المحجوب
وَأعلم أَن أصل معنى الإحتجاب والحجاب فِي اللُّغَة هُوَ الْمَنْع وَلذَلِك يُقَال لمن يمْنَع عَن الْأَمِير من قد دخل إِلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ حَاجِب وَلذَلِك قيل للحاجبين اللَّذين يمنعان عَن الْعَينَيْنِ لإحاطتها بهما
وَإِذا قُلْنَا أَن الْكَافِر مَحْجُوب عَن ربه فَالْمَعْنى فِيهِ أَنه مَمْنُوع عَن رُؤْيَته وَالْمَنْع من الرُّؤْيَة معنى يضاد الرُّؤْيَة إِذا وجد امْتنعت الرُّؤْيَة لوُجُوده
وَالَّذِي يُحَقّق وَيُؤَيّد مَا عَلَيْهِ تأويلنا مَا رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وروى عَطاء بن السَّائِب عَن عبد الرحمن بن أبي ليلى