للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَيحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى فِيهِ أَنه لَا يزَال خَيره مُقبلا عَلَيْهِ كَمَا يَقُول الْقَائِل أَن الْأَمِير أقبل على فلَان إِذا قبله وقربه وأناله خيرا

وَقَوله فَإِذا صرف وَجهه إنصرف عَنهُ أَي إنصرف خَيره وثوابه بقول الْقَائِل أَن الْأَمِير صرف وَجهه عَن فلَان إِذا قطع خَيره عَنهُ وَلم يحسن إِلَيْهِ فِي المستأنف كَمَا أحسن إِلَيْهِ فِيمَا قبل وَهَذَا كَقَوْل الْقَائِل

(وَكُنَّا إِذا الْجَبَّار صعر خَدّه ... أَقَمْنَا لَهُ من ميله فتقوما)

أَي إِذا أمال بِأَن يقطع عطيته وَنَظره لَا أَنه يُرِيد بذلك الخد الْمَعْرُوف

وَيحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى فِيهِ لَا يزَال توفيق الله للْعَبد ولطفه بِهِ وأصلا إِلَيْهِ مَا لم يعرض فَإِذا أعرض فقد أعرض الله عَنهُ بِفعل الْخَيْر وإعادة اللطف عَنهُ وَهُوَ معنى قَوْله إنصرف عَنهُ وَهَذَا كَمَا قَالَ الله عز وَجل {ثمَّ انصرفوا صرف الله قُلُوبهم}

وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَنه لما صرف الله قُلُوبهم عَن الْخَيْر بِقطع التَّوْفِيق واللطف إنصرفت قُلُوبهم عَن الْخَيْر وَهَذَا مَبْنِيّ على أصلنَا فِي أَنه لَا ينْصَرف أحد عَن الطَّاعَة إِلَّا بِصَرْف الله عز وَجل وَذَلِكَ بِأَن لَا يفعل لَهُ تَوْفِيقًا يصل بِهِ إِلَى فعل الْخَيْر وعَلى ذَلِك يتَأَوَّل قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا زاغوا أزاغ الله قُلُوبهم}

أَي لما زاغوا فِي علمي وحكمي أزغت قُلُوبهم لما أحدثتهم وخلقتهم

<<  <   >  >>