فَأَما قَوْله على كرسيه فَهُوَ كَقَوْلِه {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} وَقد بَينا معنى على فِيمَا قبل وَأَنه يَنْقَسِم على وُجُوه
أَحدهمَا علو الرّفْعَة بِالْقُدْرَةِ والمنزلة
وَالثَّانِي كَقَوْلِه {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم}
وَكَقَوْلِه على زيد مَال وَلَيْسَ المُرَاد بذلك علو بِالْمَكَانِ وَإِذا لم يكن معنى على مُخْتَصًّا بعلو الْمَكَان فقد بَان أَن مَعْنَاهُ علو على مَا يَلِيق بِهِ مِمَّا لَا يَقْتَضِي الْمَكَان
وَلَو قَالَ قَائِل إِن مَعْنَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كرسيه فِي الْجنَّة فَيرى ربه عز وَجل ويضاف إِلَى الله عز وَجل من طَرِيق الْملك وَالْفِعْل والخلق كَمَا قَالَ {على الأرائك ينظرُونَ} فِي صفة أهل الْجنَّة وَهن السرر
وَأما مَا رُوِيَ فِي حَدِيث جَعْفَر من قَول الْمَرْأَة بِأَرْض الْحَبَشَة يَوْم يضع الْملك كرسيه فَيَأْخُذ للمظلوم من الظَّالِم فَلَيْسَ فِيهِ مَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل بل مَعْنَاهُ تعريفنا أَنه ينْتَقم ذَلِك الْيَوْم من الظَّالِم للمظلوم وَهَذَا كَمَا يَقُول الْقَائِل
فَأَما حَدِيث أنس فقد بَينا تَأْوِيله غير أَنه قَالَ فِيهِ فَأرى رَبِّي وَهُوَ على كرسيه وَهَذَا أَخذ معنى التجلي لِأَنَّهُ تَصْرِيح بِالرُّؤْيَةِ وَقد بَينا وَجهه فِيمَا قبل وَلَيْسَ يُنكر عندنَا رُؤْيَة الله عز وَجل