أعمالا ثمَّ ترك أَن يفعل مثلهَا ويديم ذَلِك وَإِذا قيل للْإنْسَان فعل وَوضع فَإِنَّهُ يكون بمعاناة وحركة وَتَعَالَى الله عَن ذَلِك وَإِنَّمَا هَذَا كالمثل الْمَضْرُوب بَين النَّاس فَيُقَال بني فلَان دَاره وعجدها واستلقى على ظَهره وَإِن لم يكن قد اضْطجع على التَّمْثِيل بِمن كَانَ على هَيْئَة من يفرغ من عمله وَلم يرد أَن يفعل مثل مَا فعل
والتأويل الثَّانِي أَن يكون مَعْنَاهُ لما خلق الله مَا أَرَادَ أَن يخلقه من هَذِه الْجمل الَّتِي خلقهَا إستلقى على معنى ألْقى بَعْضهَا على بعض فَجعل السَّمَاء فَوق الأَرْض
{وَألقى فِي الأَرْض رواسي أَن تميد بكم}
وَجعل سَمَاء فَوق سَمَاء إِلَى الْعَرْش أطباقا بَعْضهَا فَوق بعض وَيكون دُخُول السِّين وَالتَّاء فِي القى هَا هُنَا على معنى قَول الْقَائِل إستدعى وإستبرأ وَنَحْوه إِذا أَرَادَ الدُّعَاء والبراءة فَلَمَّا خلق الله عز وَجل مَا خلق وَأَرَادَ أَن يلقِي بعضه على بعض قيل لَهُ إستلقى على معنى ألْقى شَيْئا مِنْهُ على شَيْء وَهُوَ على الْهَيْئَة الْمَعْرُوفَة الْمُعْتَادَة
وَأما قَوْله ثمَّ وضع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى فَفِيهِ أَيْضا وَجْهَان من التَّأْوِيل
أَحدهمَا أَن يكون المُرَاد بِهِ أَن الله عز وَجل خلقهمْ فريقين وزوجين شقيا وسعيدا وغنيا وَفَقِيرًا وصحيحا وسقيما فَسمى كل صنف مِنْهَا رجلا ثمَّ وضع إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى مَعْنَاهُ أَنه رفع قوما على قوم فَجعل بَعضهم ملوكا وَبَعْضهمْ عبيدا وَبَعْضهمْ سادة للخير والمحنة