بأَكلُبٍ في الضُّمْرِ كالقِدَاحِ ... بأَعْيُنٍ صادِقَةِ التَّلْماحِ
قُيودِ وَحْشِ الصَّفْصَفِ القِرْوَاحِ
كأَنَّما أُنِعلنَ بِالرِّياحِ
إِذَا نَحا الثَّلَّةَ مِنَها نَاحِى
رَأَيْتَهُ يَلعَبُ بالأَرْوَاحِ
وللفهميّ:
وَرَدْتُه بأَكلُبٍ كأَنّما ... أَدِيمُها قُدَّ مِنَ أحْدَاقِ المَهَا
كأَنّمَا غُرَوُهَا كَوَاكبٌ ... تَلوحُ في دَيجورٍ لَيْلٍ قد دَجَا
من كُلّ وَهْمٍ يَسبقُ الوَهْم إِذَا ... أَبصَرْتَه كالوَهْمِ من فرْطِ الوَحَى
ما البَرْقُ إلاّ وَتِداً إِذا عَدَا ... والرِّيحُ إِلاّ حَجَراً إِذا رَدَى
كأَنَّمَا أَيّامُنا من صَيْدِهَا ... أَيَّاُ تَشْرِيقٍ ورَبْعُنَا مِنَى
ولعبد الله بن المعتزّ في الكلب:
لَمَّا تَفرَّى أُفُقُ الضِّياءِ
وشَمِطَتْ ذَوَائبُ الظَّلْماءِ
قُدْنَا لعِينش الوَحْش والظِّباءِ
دَاهِيَةً مَحْذُورَةَ اللِّقَاءِ
تَحْمِلُها أَجْنِحَةُ الهَوَاءِ
تَسْتَلِبُ الخَطْوَ بلا إِبْطَاءِ
أَسْرع من جَفْنٍ إلى إِغضاءِ
ومُخْطَفاً مُوَثَّقَ الأَعْضَاءِ
خَالَفَهَا بجِلْدَةٍ بَيْضَاءِ
ذي مُقْلةٍ قَليلةِ الأَقْذاءِ
صافِيَةٍ كقَطْرَةٍ من ماءِ
آنَسَ بين الوَحْشِ والفَضَاءِ
أَحْوَى كظَهْر الرَّيْطةِ الخَضْراءِ
فيه مُسُوكُ الحيَّةِ الرَّقْطاءِ
كأَنَّهَا ضَفَائِرُ الشَّمْطاءِ
فصَاد قَبْلَ الأَيْنِ والإِعْيَاءِ
خَمْسينَ لم يَنقُصْنِ في الإِحْصَاءِ
وباعَنَا اللُّحُومَ بالدِّماءِ
وله أيضاً:
قَدْ أَغْتَدِى واللَّيْلُ كالغُرَابِ
مُلْقَى السُّدُولِ مُغْلَقَ الأَبْوابِ
حتَّى بَدَا الصُّبْحُ من الحِجَابِ
كشَيبَةٍ حَلَّتْ على شَبَابِ
بكَلْبَةٍ سَريعَةِ الوِثَابِ
تَفُوتُ سَبْقاً لَحْظَةَ المُرْتَابِ
لم يُدْمِ صَيْداً فَمُهَا بنَابِ
حِفْظاً وإِبْقَاءً على الأَصحابِ
وله أيضاً:
غَدَوتُ للصَّيْد بغُضْفٍ كالقِدَدْ
واللَّيْلُ قد رَقَّ على وَجْهِ البَلَدْ
وابْتَلَّ سِرْبالُ النَّسِيم وبَرَدْ
والفَجْرُ في ثَوْب الظَّلامِ يَتَّقِدْ
عَوَاصِفٍ مُنْتَهباتٍ للأَمَدْ
ما يَسْتَزدْها الشَّوْطُ من عَدْوٍ تَزِدْ
وتَقْتَضِى الأَرجُلُ والأَيْدِى تَعِدْ
لَمّا عَدَون وغَدَتْ خَيْلُ الطَّرَدْ
أَبْرَقَ بالرَّكْض الفَضَاءُ ورَعَدْ
وقامَ شَيْطَانُ الحَريصِ وقَعَدْ
وطَارَ نَقعٌ في السَّمَاءِ ورَكَدْ
كأَنّه مُلاءُ غَسّالٍ جُدُدْ
يَنْشُرُها السَّهْلُ ويَطْوِيها الجَدَدْ
مثْلُ القَريبِ عنْدَهَا ما قد بَعُدْ
وله أيضاً:
قد أَغْتَدِى بين الدُّجَى والنُّورِ
بضُمَّرٍ لَطائفِ الخُصورِ
تَمْرَحُ في الأَطْوَاق والسُّيُورِ
تُدْنِى وَرَاءَ القَنَص المَذْعورِ
تَسْمِيَةَ اللهِ من التَّكْبيرِ
وله أيضاً:
وكَلْبَةٍ غَدَا بها فِتْيَانُ
أَطْلَقَهم من يَدِهِ الزّمانُ
كأَنّهَا إِذا تَمَطَّتْ جانُ
أَو صَعْدَةٌ وخَطْمُهَا السِّنَانُ
والنَّجْمُ في مَغْرِبه وَسْنَانُ
والصُّبْحُ في مَشْرقهِ حَيْرانُ
كأَنّه مُضْطَجِعٌ عُريانُ
ونَجَمَتْ لحَيْنَها غِزْلانُ
فأَخذَتْ ما أَخَذَ العِيَانُ
وله أيضاً:
وكَلْبةٍ لمْ يُرَ وَقْتُ شَدِّهَا
قَطُّ إِذا ما أُطْلِقَتْ من عقْدِهَا
خُضْتُ بِهَا لَيْلاً يُرَى كجِلْدِهَا
كأَنَّه استعارَ لَوْنَ بُرْدِهَا
أَفْقَدَني الرّحمنُ يَوْمَ فَقدِها
وله أيضاً:
لَمَّا غَدَوْنَا والظَّلامُ قَدْ وَهَى
قُدْنَا لغِزْلان الدُّجَيل والمَهَا
ضَوَامِراً تَحْسَبُهُنَّ نُقَّهَا
يَصِدْنَ للغَادِى بِهِنَّ ما اشْتَهَى
وما انْتَهَت قطُّ به حيثُ انْتَهَى