فكلُّ ما شاءَتْ من الصِّيْدِ لَهَا
وله أيضاً:
تَخَالُهَا في حَلَقِ الأَطْوَاقِ
ضَوَاحكاً من سَعَةٍ الأَشْدَاقِ
ولغيره:
تَفُوتُ خُطَاهَا الطَّرْفَ سَبْقاً كأَنّهَا ... سهَامُ مُغَالٍ أ! ورُجُومُ الكَوَاكبِ
كأّنّ بَنَاتِ القَفْرِ حينَ تَفَرَّقَتْ ... غَدَوْن عليها بالمَنَايَا الشَّوَاعِبِ
واجتاز الحسن بن عبيد الله ببعض الجبال، فأثار الغلمان خشفاً، فالتقفته الكلاب، فقال المتنبيّ وهو في أفواهها:
وشامخٍ من الجبال أَقْوَدِ
يُسارُ من مَضِيقِه والجَلْمَدِ
في مثْلِ مَتْنِ المَسَدِ المُعَقَّدِ
زُرْناهُ للأَمْرِ الّذي لم يُعْهَدِ
للصَّيْد والنّزهةِ والتَّمرُّدِ
بكُلّ مَسْقِىِّ الدِّماءِ أَسْوَدِ
مُعَادوٍ مُقَوَّدٍ مُقَلَّدِ
بكُلِّ نابٍ ذَربٍ مُحَدَّدِ
على جِفافيْ حَنَك كالمبْرَدِ
كطالبِ الثّأْرِ وإِنْ لم يَحْقِدِ
يقْتُلُ من يقْتُلُه ولا يَدِى
يَنْشُدُ من ذَا الخشْف ما لم يفْقدِ
فثَارَ مِن أَخضرَ مَمْطورٍ نَدِى
كأَنّه بَدْءُ عِذَار الأَمْرَدِ
فلم يكَدْ إِلاّ لحَتْفٍ يَهْتَدِى
ولم يَقَعْ إلاّ عَلَى بطْنِ يدِ
[وفي الكلاب]
نَجنُبُ جِنّاناً سَلُوقِيّةً ... تَفُوتُ أَوْهَاماً وأَبْصارَا
من كُلِّ حَسْنَاءَ طِرَازيّةٍ ... تُعَرِّقُ الأَرْنَبَ إِحْضَارَا
كأَنّنَا في وَقْتِ إِرسالَها ... نُشْعِلُ في أَعْطافهَا نَارا
تَمُدُّ مَتَنَيْن أُمِرَّا كمَا ... قَرَنْتَ بالطُّومارِ طُومَارَا
كأّنّها صائمةٌ أَقسمَتْ ... أَن تجْعل الأَرْنَبَ إِفْطارَا
وبُوزجاً أَتعبَ في يَوْمه ... ذاكَ خَيَاشِيماً وأَظْفَارَا
ما عايَنَ البُنّج مُسْتَرْوِحاً ... إِلاّ خَلاَ بالتَّيْسِ حَقّارَا
ولعليّ بن العباس في الصَّيد بالكلب والطَّست:
لمّا دجَا اللَّيْلُ ولاَحتْ أَنجمُهْ
وحاصَرَتْ ضَوءَ الهلالِ طُلَمُهْ
في مَحْبسٍ عن الجَهُولِ أَكتُمُهْ
وخَيَّمَتْ في كُلَّ وادٍ خِيَمُهْ
فَهْوَ مٌقيمٌ ليس تَخْطُو قَدَمُهْ
هِجْنَا بكَلْبٍ وبطَسْتٍ يَقْدمُهْ
ذات حُلِىٍّ صاغَه مُنَمْنِمُهْ
يَضْربُهَا حامِلُها وتَلْزَمُهْ
كأَنَّهَا معشوقَةٌ تُكلِّمُهْ
بضَجّةٍ لِسَانُهَا ما يَفْهَمُهْ
يَحْكِى لِسَانَ الزُّطِّ لَوْ تُتَرْجِمُهْ
يَشْغَلُ آذَانَ الوُحوشِ نَغَمُهْ
حتَّى تَرَاهَا وُقّفاً تَسَفْهمُهْ
والكَلْبُ يَدْرِيه وما يَسْتعَجِمُهْ
حتَّى إِذا مالَ بنا تَقَحُّمُهْ
في سَبْسَبٍ وَعْرٍ كَثيرٍ أُكُمُهْ
يُلاعِبُ الأَكْحَلَ فيه أَرْثَمُهْ
ويَلْتَوِى على الشُجَاعِ أَرْقَمُهْ
تَنَشَّقَ الرِّيحَ فزَادَ قَرَمُهْ
واحْتَالَ واسْتَرْوَحَ ممَّا يَكْظِمُهْ
وحَفَرَ الأَرْضَ بشَمٍّ مخْطِمُهْ
وجذَبَ القَائدَ جَذْباً يُؤْلِمُهْ
فقَوَّمَ الضَّوْءَ له مُقَوِّمُهْ
كيْلا تَطِيشَ نَبْلُهُ وأَسْهمُهْ
فانْساب كالفهْد إلى ما يَغْنَمُهْ
شَدًّا وما هاهَا به مُعلِّمُهْ
فعَانقَ الصَّيْدَ وبات يَلْثَمُهْ
لوْ لمْ تَكُنْ أَنْيَابُهُ تَخْتَرِمُهْ
فلوْ تَرَانَا حَوْله نُعظِّمُهْ
ومن بَقايَا أَكْلِه نَستَطْعِمُهْ
كأَنّه وَالٍ ونحْنُ خَدَمُهْ
لقُلْتَ هذا ما يَضِيعُ حَشَمُهْ
مَا سَاعدَتْهُ باتِّصَالٍ عتَمُهْ
[في الفهود]
قال أبو نواس في فهدةٍ:
قد أَغتدِى والشَّمْسُ في حِجَابها
مَستورةٌ لم تَبْدُ من جِلْبابِهَا
لم يَقْطَع اللَّيْلُ عُرَا أَطنابِهَا
مثْل الكَعَابِ الرُّودِ في نِقَابِهَا
في فِتْيَةٍ لا مَذْقَ في أَحْسَابِهَا
مَعروفَةٍ بالفَضْل في آدَابِهَا
بفَهْدةٍ بُورِكَ في جَلاَّبِهَا
سُقْياً لَها وللّذى غَدَا بِهَا