وكلَّ شَدِيدِ مَجَالِ الذَّنُوبِ ... شَدِيدِ قَرَى المَتْنِ عُرْيَانُها
وقال الأَهْتَمُ بن سُمَيٍّ في ذلك:
تَمَطَّتْ بحُمْرَانُ المَنِيّةُ بَعْدَمَا ... حَشَاهُ سِنَانٌ مِن شُرَاعَةَ أَزْرَقُ
دَعَا يالَ قَيس وادَّعَيْتُ لمِنقَرٍ ... وكُنْتُ إِذَا لاقَيْتُ في الحَرْبِ أَصْدُقُ
ثمّ إِنّ الأَهْتَمَ جَزَّ ناصيةَ حُمْرَانَ، ومَنَّ عليه.
ففي ذلك يقُولُ الفَرَزدقُ:
أَينْسَى بَنُو سَعْدٍ جَدُودَ التّي بها ... خَذَلْتم بني سَعْدٍ على شَرِّ مَخْذَلِ
عَشِيَّةَ وَلَّيْتمْ كأَنَّ سُيوفَكمْ ... ذَآنِينُ في أَعْنَاقِكُم لم تُسَلَّلِ
وشَيْبَانُ حَوْلَ الْحَوْفَزانِ مُوائِلٌ ... مُنِيفٌ بزَحْفٍ ذي زَوَائدَ جَحْفَلِ
دَعَوْا يالَ سَعْدٍ وادَّعَوا يالَ وَائِلٍ ... وقدْ سُلَّ مِن أَغمادِها كلُّ مُنْصُلِ
قَبِيلَيْنِ عنْدَ المُحصَنَاتِ تَصاوَلُوا ... تَصاوُلَ أَعْنَاقِ المَصَاعِبِ مِنْ عَل
وفي ذلِك يقولُ قَيْسُ بن عاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ:
جَزَى اللهُ يَرْبُوعاً بأَسْوَإِ سَعْيِهَا ... إِذَا ذُكِرَتْ في النّائباتِ أُمُورُهَا
ويَوْمَ جَدُودٍ قدْ فَضَحْتُمْ أَباكُمُ ... وسَالَمْتُمُ والخَيْلُ تَدْمَى نُحُورُهَا
فأَصْبَحْتُمُ واللهُ يَعْلَم ذاكُمُ ... كمَهْنُوءةٍ جَرْبَاءَ أُبْرِزَ كُورُهَا
ستَخْزِمُ سَعْدٌ والرِّبَابُ أُنوفَكم ... كما غَاطَ في أَنْفِ الظَّؤُورِ جَرِيرُهَا
أَفَخْراً علَى المَولَى إِذَا ما بَطِنْتُمُولُؤْماً إِذَا ما الحَرْبُ شُبَّ سَعِيرُهَا
أَتانِي وَعِيدُ الحَوْفَزَانِ ودُونَه ... مِن الأَرْضِ صَحْراوَاتُ فَلْجِ وقُورُهَا
أَقِمْ بسَبِيلِ الحيِّ إِن كُنْتَ صادِقاً ... إِذَا حَشَدَتْ سَعْدٌ وثَابَ نَفِيرُهَا
عَصَمْنَا تَمِيماً في الحُرُوبِ فأَصْبَحَتْ ... يَلوذُ بِنا ذُو مالِهَا وفَقِيرُهَا
وقال مالكُ بن نُوَيْرَةَ اليَرْبوعيُّ يَرُدُّ على قَيْس بن عاصمٍ:
سأَسْأًلُ من لاقَى فَوارِسَ مِنْقَرٍ ... رِقَابَ إِمَاءٍ كَيْفَ كانَ نَكِيرُهَا
وكُنْتُمْ بَغَاثاً إِذْ لَقِيتُمْ نِدَادَكمْمِنَ القَوْم ضَأْناً لا بنِ كُوز عُشُورُهَا
فَهذا أَوَانُ القَدْعِ بَيْنِي وبَيْنَكمْ ... كَوَادِنَ جُنْدٍ نَفَّلتْها أَيورُهَا
مَجُوسِيّةٌ كَعْبُ بن سَعْدٍ ويَنْتهِي ... إِلى بَيْتِ قَيْسٍ غَدْرُهَا وفُجُورُها
؟ يَومُ أَبَايِضَ
وهو يومٌ لبَكْرِ بن وائلٍ على بني تَمِيم، قَتلَتْ فيه طَرِيفاً بشَرَاحِيلَ، حين قَتَلَه ابنُه حُمَيْصِيصَة بن شَرَاحيل.
وقُتِل أَبو الجَدْعاءِ الطُّهَويُّ، قَتَلَه سَعْدُ بن عُبَادِ بن مَسْعُودٍ.
كانتِ العَرَبُ في الشَّهْر الحَرَام تأْتِي عُكَاظَ، وقد أَمِنَ بعضُهُم بَعْضَاً، وهم مُتَقَنِّعون، كيلا يُعرفوا، وكان طَريفُ بن عمرِو بن تميم العنبرِيُّ لا يَتَقَنَّعُ، فوَافَى عُكاظَ سنةً، وقد حَشَدَتْ بكرُ بن وائلٍ، وكان طَرِيفٌ قد قَتلَ قَبْلَ ذلك شَرَاحِيلَ الشَّيبانيَّ، من بني أَبي رَبِيعةَ بنِ ذُهْلِ بن شَيْبانَ، فقال حُمَيْصِيصَة بن شَرَاحِيل: أَرُوني طَرِيفاً، فأَرَوْهُ إِيّاه، فجعل كُلَّما مَرَّ به طَرِيفٌ تَأَمَّلَه ونَظَر إِليه، حتَّى فَطَنَ له طَرِيفٌ، فقال: مالَك تَنْظُرُ إِليَّ؟ قال: أَتوَسًّمُك لأَعْرِفَكَ، فإِن لَقِيتُك في حَرب فلِلّهِ عليَّ أَنْ أَتتُلك أَو تَقْتلَني، فقال في ذلِك:
أَوَ كُلَّما وَرَدَتْ عُكَاظَ قَبِيلةٌ ... بَعَثُوا إِليَّ عَرٍفَهُم يَتَوَسَّمُ
فتَوَسَّموني إِنّنِي أَنا ذَاكُمُ ... شَاكٍ سِلاَحِي في الحَوادِث مُعْلَمُ
تَحْتِي الأَغرُّ وفَوْق جِلْدي نَثْرَةٌ ... زَغْفٌ تَرُدّ السَّيْفَ وَهْوَ مُثَلَّمُ
ولكُلّ بَكْرِيٍّ لَدَيَّ عَدَاوَةٌ ... وأَبو رَبِيعَةَ شانِئٌ ومُحَلِّمُ