فأَنْعَمَ نِعْمَةً سَبَقَتْ وسَارتْ ... بإِطْلاَقِ الكُبُولِ عَن الغَرِيبِ
وأَعطانِي الخَرَائدَ مِن مُرَادٍ ... وعِرْسِي مُنْتَهَى نَفْسِي وطِيْبِي
وأَعْطَاني مُؤَبّلةً هِجَاناً ... وقَدْ حُوِيَتْ علَى ماءِ الكَثِيبِ
فلَنْ أَكْفُرْ بَلاءَ بني عَدِيٍّ ... وعَفْوَهُمُ عَلَى حَدَثِ الخُطُوبِ
وقالت أُختُ عَمْرو بن بِشْرٍ تَرثِيه:
أَلاَ يا لَهْفَ نَفْسِي بعْد عَمْرٍو ... ومَصْرَعِهِ بمُعْتَرَكِ الصِّعَادِ
مُناخِ الضَّيفِ قَدْ عَلِمَتْ مُرَادٌ ... وغَيْثِ النَّاسِ في اللِّزَبِ الشِّدَادِ
لقَدْ لَقِيَتْ مُرَادٌ مِنْ عَديٍّ ... كَمَا لَقِيتْ قَبَائِلُ آلِ عَاد
وقالت امرأَةٌ من مُرادٍ أَيضاً:
يا عَيْنُ جُودِي ولا تَجْمُدِي ... لِقَوْمٍ أُتِيحَ لَهُمْ ثَعْلَبَه
هُمُ صَبَّحونَا قُبَيلَ الصَّبَاحِ ... على كُلّ سُرْحُوبةٍ سَلْهبَهْ
فأْوجِرَ عَمرٌو طَرِيرَ السِّنَانِ ... يُشَبَّهُ بالشُّعْلَةِ المُثْقَبَهْ
فخَرّ صَرِيعاً ووَلَّتْ مُرَادُ ... وجَالَتْ خُيُولُهُم المُقْرَبَهْ
يومُ حاجِرٍ
وهو يَوْمٌ لبني مالِكِ بن حُبَيْبٍ، على هَوازن، وفيه مقتلُ عَبِيدَة بن مالِكِ بن جَعْفَرٍ، قتَلهُ أُفْنُون.
خَرَجَ صُرَيْمُ بنُ مَعْشَرِ بن ذُهْلِ بن تَيم بنِ بَكْر بن مالك بن حُبَيْب وهو أُفْنُونُ، في جَمْعٍ من بني تَغلِبَ يُرِيدُ بني عامِرٍ، فأَغارَ عليهم بمَوضعٍ يُقال له حاجِزٌ، وكان سيِّدَ هَوَازِنَ ذلك اليَّوْمَ طُفَيْلُ بن مالِكٍ، فقاتلَتْه هَوَازِنُ عن حَرِيمها أَشَدَّ قِتَالٍ، ثمّ وَلَّتْ مُنْهَزِمةً، وأَخْلَتِ البُيُوتَ في أَيدِيهم، وعَطفَ عَبِيدَةُ بن مالِكِ بن جَعْفَرٍ على بني تَغلِبَ، في حُماةِ أَصحابِه، فقاتَلوهم حتَّى أَزالوهم عن البُيُوتِ، وحَملَ أُفنُونُ عَلى عَبِيدَةَ فطَعنَهُ فقتلَهُ، وولَّوْا، وأُسِرَ أَبو أَسماءَ حَبِيبُ بن الضَّرِيبَة، وهو فارسُ بني نَصْرٍ وشاعرُهم، وأُسِر أًَبنَاءُ مُسَافِرٍ، وعَبدُ الله بنُ نَصر، وهَرَبَ طُفَيْلُ بن مالكٍ رَكْضاً، وأَصابَتْ تَغْلِبُ النِّسَاءَ والنِّعَم.
وقال أُفْنُونُ في ذلِك:
سَمَوْنَا إِلى عُلْيَا هَوَازِنَ بالقَنَا ... وجُرْدٍ كأَمْثَالِ القِدَاحِ ضَوَامِرِ
تَئِنُّ أَنِينَ الحَامِلاَتِ وتَشْتَكِي ... عُجَايَاتِهَا مِن طُولِ نكْبِ الدَّوابِرِ
فمَا زَالَ ذاَك الدّأْبَ حَتَّى صَبَحْتُهَا ... عَلى ما بِهَا من جَهْدِهَا أَهْلَ حاجِرِ
فغُودِرَ في وَقْعِ العِجَاجَةِ مِنهُمُ ... عَبِيدَةُ يَدْعُو شَاغِراً يالَ عَامِرِ
صَرِيعَ قَناً في عُصْبَةٍ عامِرِيَّةٍ ... صَرِيحيَّةِ الأَحْسَابِ غَيْرِ عَوَاوِرِ
وقُدْنَا أَبَا أَسْمَاءَ فارِسَ قَوْمِه ... حَبِيباً وعبْدَ الله وابْنَىْ مُسَافِرِ
وأَفْلَتَنا رَكْضاً طُفَيْلُ بن مَالِكٍ ... وقدْ وَطِئَتْهُ خَيْلُنَا بالحَوَافِرِ
وحُورٍ كأَمْثَالِ المَهَا عامِرِيّةٍ ... عَذَارَى اجْتَليْنَا بالرِّمَاحِ الخَواطِرِ
ونَحْنُ مَتَى ما نَرْمِ قَوْماً ببِعْضَةٍ ... شَجًى ناشِبٌ بَيْنَ اللَّهَا فالحَنَاجِرِ
وقال أَبو دُوادٍ الرُّؤَاسيُّ:
إِنَّ الفَوَارِسَ مِن حُبَيبٍ جَدّعَتْ ... بعَبِيدَةَ الوهَّابِ حَيَّ هَوَازِنِ
أَوْدَى صُرَيْمٌ بالَّذِين هُمُ هُمُ ... أَهلُ الحفَائظِ والفَعالِ الزَّائِنِ
صَبَرُوا لكُلِّ مُهَنَّدٍ ذِي رَوْنَقٍ ... صَافِي الحَدِيدِ وكُلِّ أَسْمَرَ مَارِنِ
حتَّى تَكَشَّفَتِ العَجَاجَةُ عنْهُمُ ... صَرْعَى بأََبْطَحِ حَاجِرَ المُتَبَاطِنِ
وابنُ الضَّرِيبَةِ فِي فَوَارِسِ قَوْمِه ... طَوْعَ الجَنِيبَةِ كالقَرِيعِ السَّاخِنِ
يَومُ عَاقِلٍ