خَلِىُّ الفُؤادِ ولكنَّهُ ... يحِنُّ فيُشْجِى الفُؤَادَ الطُّروبَا
وله أيضاً:
وزنْجِيَّةٍ عُرِفَتْ بالإباقِ ... فلَيْسَ لها رَاحَةٌ من وَثَاقِ
إذا اضطربَ الماءُ مِنْ حَوْلها ... رأيْتَ الحِبَالَ بها في تَلاقِ
يَثُورُ بهَا قَسْطَلٌ أبيضٌ ... على القوْمِ غَيْرُ كَيِيفِ الرّوَاق
فأبْناؤُها المُرْدُ شِيبُ الرُّؤوِس ... وأبْنَاؤهَا السُّودُ بِيضُ التَّراقِي
رَكِبْنا إليه غَدَاةَ الصَّبُوحِ ... مَطَايَا تَخبُّ كدُهْمِ العِتَاقِ
فظِلْنا نُمِيتُ لَدَيْهَا الزِّقَاقَ ... إلى أنْ حَيِينَا بمَوْتِ الزِّقَاقِ
وله أيضاً:
وسَوْدَاءَ آبِقَةٍ قُيِّدَتْ ... فَمِنْ كُلِّ وَجْهٍ لها حَابِلُ
تَوَسَّطَتِ البحْرَ حتَّى نَأَى ... علَى مَن أَقامَ بها السَّاحِلُ
وحَنَّتْ إلى البَرِّ مُشْتقاقةً ... إليه كمَا حَنَّتِ الثاكِلُ
ودارَ لها فَلَكٌ خارجٌ ... يَدُورُ بِهِ فَلَكٌ دَاخِلُ
فسُكَّانُهَا الدَّهْرَ من نَقْعِها ... شَبَابٌ وشَيْبُهُم شامِلُ
إذَا رَامَهَا فارِسٌ نَالَهَا ... ويعَعْجِزُ عن نَيْلِهَا الرَّاجِلُ
وله أيضاً:
وقَوَاطِناً في المَاءِ تَحْسَبُ أَنَّهَا ... شُمُّ الهِضَابِ لَبِسنَ لَيْلاً أَرْبَدَا
مِثْلُ الإماءِ السُّودِ خافَ إباقَها ... مَوْلًىفشَدَّ وَثَاقَها وتَشَدَّدَا
تَصَبَتْ حَيازِيماً لها مشْعوفَةً ... بالمَاءِ تَمنَحُهُ عِنَاقاً سَرْمَدَا
لم تَخْلُ من زَوْرٍ يُشَاهِدُ مَعْرَكاً ... ذا قَسْطَلٍ فيَشِيبُ فيه أمْرَدا
بِدَعٌ إذَا ما الفِكْرُ حَاوَلَ وَصْفَها ... يَوْماً تَحيَّرَ دُونَهَا وتَبلَّدَا
قال أبو القاسم: وكنّا مع أبي طالب على شربٍ، إلى جانب رحى على نهر الأرند، وهو النهر المقلوب، فقلت له: هل تعرف في الرَّحى شيئاً؟ قال: لا، ولكنّي أعمل السَّاعة، فعمل:
ومَنْزِلٍ رَقَّ به الهَواءُ
وطَابَ للشَّرْبِ به الثَّوَاءُ
بَنِيَّةٌ ما حَوْلَهَها بِنَاءُ
كمَا أُقِيمَ في يَدِ إنَاءُ
تَرْكُضُ فيه فَرَسٌ دَهْمَاءُ
تَكْنُفُهَا عَجَاجَةٌ بَيْضَاءُ
تَجْرِى وإِنْ أَعوزَهَا الفَضَاءُ
مَيْدَانُهَا وجِسْمُهَا سَوَاءُ
يَحْفِزُها جَارٍ له ضَوْضَاءُ
كِلاهُمَا لمَعْشَرٍ نَمَاءُ
يَوْمُ سُرُورٍ مابِه خَفَاءُ
ولَيْلَةٌ مُسْفِرةٌ غَرَّاءُ
رَحَاؤُها إنْ دَرَجَتْ رَحَاءُ
تَبْرُدُ مِن نَسِيمِها الأَحْشَاءُ
غُرَّةُ دَهْرٍ كُلُّه ظَلْمَاءُ
في البحر والمراكب والسُّفن
كتب عمر بن الخطّاب إلى عمرو بن العاص: إنّي أريد أن أغزي جيشاً من المسلمين البحر، فأخبرني عنه. فكتب إليه: إنّ البحر خلق عظيم، يركبه خلق ضعيف، دود على عود إن يمسكوا يفرقوا، وإن يصرعوا يغرقوا. فقال عمر: لا أحمل فيه مسلماً كارهاً أبداً.
ولعمر بن برَّاقة:
ألاَهَلْ للهُمومِ من انْفِرَاجِ ... وهَلْ لِي من رُكُوبِ البَحْرِ ناجِي
أَكلَّ عَشِيَّةٍ زَورَاءُ تَهْوِى ... بِنَا في مُظْلِمِ الغَمَرَاتِ ساجِى
يشُقُّ المَاءَ كَلْكَلُها مُلِحَّاً ... علَى ثَبَجٍ من المَاءِ الأُجَاجِ
كأنّ تَتَابُعَ الأَمْواج فِيه ... نِعَاجٌ يَرْتَعِينَ إلى نِعَاجِ
ومثل هذا أبي مهديٍّ:
أَشْرِفْ إلى البَحرِ تَرَى عُكَاشَا
ماءً تَرَى حِيتَانَهُ عِطَاشَا
يَرْتَعِشُ النَّبْتُ به ارْتعاشا
إذا علاَ تَيَّارُهُ وجَاشَا
وجَاحَشَتْ أمواجُهُ جِحَاشا
قُلْتَ كِبَاشٌ نَاطَحَتْ كِبَاشَا
ولأعرابي أغزاه الأسود بن بلالٍ في البحر: