إِلى بُنَيَّاتِ المِيَاهِ الوُقَّعِ
في صيد السَّمك
وصفة البلاليع والشِّبك وقصب الدِّبق أنشدني أبو الحسن الحرَّانيُّ قال: أنشدني أحمد بن محمد الضّبّىّ لنفسه في البلاليع والشِّبك:
أَكْرَمُ ما أَعْدَدْتُه من العُدَدْ
وما حَوَى صَحْبى به غِنَى الأَبَدْ
بنَاتُ قَيْنٍ حازَ في الحِذْق الأَمَدْ
على مَقَاديرِ مَخَاليبِ الصُّرَدْ
أو مثل ما عَايَنْتَ أَنْصَافَ الزَّرَدْ
لها رُؤُوسٌ في أَعَاليهَا أَوَدْ
كمِثْل أَنيابِ الأَفَاعِى أَو أَحَدّْ
ذَوَاتِ طُعْمٍ نَكِدٍ كلَّ النَّكَدْ
تُشَدُّ في أَذْنَابِ خَيْلٍ إِذْ تُشَدّْ
مُمَرَّةِ الفَتْلِ كإِمْرارِ المَسَدْ
نِيطَتْ بأَطْرَافِ يَرَاعٍ مُسْتَعِدّْ
صُمِّ الأَنَابيبِ قَريباتِ العُقَدْ
عُجْنَا بها من حَيْثُ ما عَاجَ أَحَدْ
فِى فَىِّ صَفْصَافٍ عليْنَا قد بَرَدْ
شاطىء نَهْرٍ لا بِسٍ دِرْعَ زَبَدْ
فأُطْلِقَتْ أَيدِيهمُ إِطْلاَقَ يَدْ
ولم تَزَلْ تُرْسَلُ طَوْراً وتُرَدّْ
حتّى تَنَادَوا قَدْمِن الحِيتَان قَدْ
ثمَّ بعثْنَا أَلْفَ عَيْنٍ في جَسَدْ
فجئنَنَا بمثْلِهنّ في العَدّدْ
أَلْفٍ من الحِيتان بِيضٍ كالبَرَدْ
مكْسُوَّةٍ دَرَاهماً ما تُنْتَقَدْ
كذلك الأَرْزَاقُ في جَزْرٍ ومَدّْ
والحمْدُ للمُهَيْمِن الفَرْدِ الصَّمَدْ
وأنشدني أبو القاسم عليُّ بن الحسين بن جعفر العلويّ، لأبي طالبٍ الحسين بن عليّ، في الشَّبك:
وشاحِبِ اللِّبْسَةِ والأَعْضاءِ
أَشْعَثَ نائِى العَهْدِ بالرَّجَاءِ
أَفْضَى به العُدْمُ إِلى الفَضَاءِ
فوَجْهُهُ للضِّحّش والهَوَاءِ
أَغْبَر يَحْوى الزُّرْقَ من غَبْرَاءِ
خَفِيفةٍ ثَقِيلةِ الأَرْجَاءِ
كأَنّهَا هَلْهَلَةُ الرِّدَاءِ
كَلّفَها لحْظ بَنَاتِ المَاءِ
بأَعْيُنٍ لم تُؤتَ من إِغْضاءِ
كَثِيرةٍ تُرْبِى على الإِحْصَاءِ
فأَقْبَلَت تَمْلأُ عيْنَ الرّائِى
بكلِّ صافِى المَتْنِ والأَحْشاءِ
أَبْيَض مثْل الفضَّةِ البَيضاءِ
أَو كذِرَاعِ الكاعِبِ الحَسْناءِ
رزْقاً رُزقْناه بلا عَنَاءِ
نَعُدُّهُ من سابغِ النَّعْماءِ
وله أيضاً:
وجَدْوَلٍ بين حَديقتَيْنِ
مُطَّرِدٍ مثْل حُسَامِ القَيْنِ
كَسَوْتُه وَاسِعةَ القُطْرَيْنِ
تَنْظُرُ في الماءِ بأَلْفِ عَيْنِ
رَاصدةً كلَّ قَريبِ الحَيْنِ
تُبْرِزُهُ مُجَنَّحَ الجَنْبَيْنِ
كمُدْيَةٍ مَصْقُولةِ المَتْنيْنِ
كأَنّما صِيْغَ من اللُّجَينِ
رزْقاً هَنيئاً يَمْلأُ اليَدَيْنِ
بغَيْرِ كدٍّ وبغَيْرِ أَيْنِ
وللحكمىّ في قصب الدِّبق:
رُبَّ خَفِىِّ الشَّخْصِ قد أُرِقَّا
عن أَن يجوبَ لفَلاةِ خَرْقَا
فصَار للعِيْشة يَبْغِى الطَّرْقا
بقَصَبَاتٍ قد جُعِلْن لِفْقَا
يَجعَلُ في أَطرافِهنّ دِبْقَا
تَهْبِط أَحياناً وحِيناً تَرْقَى
تَدْمَعُ عَيْنَاهُ إِذا ما نَقّا
دَمْعاً مُلحّاً ما يَكَادُ يَرْقَا
تَظُنُّه قد حَنَّ أَو قد رَقَّا
وهْوَ أفظ ما يكون خلقا
يا بُؤْسَ للعُصفور ماذَا يَلْقَى
من بأْسِهِ كَتْفاً له وخَنْقَا
وللعابسي فيها:
ما صائداتٌ لسْنَ بَارحَاتِ
ورَاكَباتٌ غيرُ سائرَاتِ
وقَد عَلَوْن غَيرَ مُكْرَمَاتِ
مَنَابِراً ولَسْنَ خاطِبَاتِ
وما طَعَامٌ ظلَّ بالفَلاةِ
يُقَرِّبُ المَوْتَ من الحَيَاةِ
وما رِمَاحٌ غيرُ جَارِحَاتِ
ولَسْن للطِّراد والغَاراتِ
يَخُضْن لا مِنْ عَلَقِ الكُمَاةِ
برِيقِ حَتْفٍ مُنْجِزَ العِدَاتِ
مُسْتَمْكِنٍ ليس بذى إِفلاتِ
يَنْشَبُ في الصُّدُور واللَّبّاتِ
أَسِنّةً غَيْرَ مُوَقَّعَاتِ
علىعَوَالِيهَا مُرَكَّباتِ
من قَصَبِ الرِّيش مُجَرَّداتِ
يُحسَبْنَ في القُنِىِّ شائلاتِ
أَذْنَابَ جرْذانٍ مُنَكَّسَاتِ