ويَهْماءَ يسقطُ عنها الظَنُونُ ... ولا يَجِدُ الرَّكْبُ فيها مَقِيلاَ
تَمَلُّ الرِّياحُ بها مَرَّهَا ... فتُمْسِي العَوَاصِفُ منها كُلولاَ
إِذَا مَا تَرَامَتْ بأَيْدِي الرِّكا ... بِ لم يَرْجُ غائبُها أَن يَؤُولاَ
تُكَذِّبُ عنّا هُمُومُ القلوبِ ... إِذا أَزمعَ الَقومُ منها القُفولاَ
ويَنْبُو عن العَيْنِ فيها الكَرى ... فلا يطْعَمُ النَّومَ إِلاّ قَليلاَ
كأَنّ عَسَاقِلَها بالضُّحَى ... طَرائِدُ خَيلٍ تُبَارِى خيولاَ
وليحيي بن هِلالِ العَبْديّ:
وفَلاَةٍ كأَنَّمَا اشتمَلَ اللَّي ... لُ علَى رَكْبِها بأَبْنَاءِ حَامِ
ولمحمد بن سعيد:
وطَامِسِ الآيِ كالمِرْآةِ مُشْتبِهٍ ... حَزْنٍ مَعَالِمُه يُشْبِهنَ أَحْزانِي
يُمْسِي بها الرَّكْبُ إِمْساءَ المُحِبّ إِذا ... ما رِيعَ بالبَيْن في إِصباحِهِ الدّانِي
كأَنّ رَقْراقَ حَيْرانِ السَّرابِ به ... دَمْعٌ تَحيَّرَ في أَجْفَانِ حَيْرانِ
ولرجلٍ من بني فَزَارة في بَلْدَة وناقَة:
وبَلْدَةٍ مُغْبرَّةٍ قِفَافُهَا
خَيْرُ هُدَى القَوْمِ به اعتِسافُهَا
قَطَعْتُهَا لَمَّا اسْتَوَتْ أَشْرَافُهَا
بعِرْمِسٍ لم تُحتلَبْ أَخلافُها
كأَنَّهَا لَمَّا جَرَى سِنَافُهَا
بَكْرَةُ شِيْزَى ضَمَّها خُطّافُهَا
؟ في وصف الإبل وسرعتها
قد ذكرَ الشُّعَرَاءُ المتقدِّمُونَ المشاهيرُ الإِبِلَ بما نحن نستغنِي عن ذِكْره لشُهرته، ونذكُر يسيراً من كثير ما قالوهُ، فمن ذلك قولُ عَلْقَمَة:
هل تُلْحِقَنّي بأُخْرَى القَومِ إِذ شَحَطوا ... جُلْذِيَّةٌ كأَتانِ الضَّحْلِ عُلْكومُ
تُلاحِظُ السَّوطَ شَزْراً وهيَ ضامِرة ... كما توجَّس طَاوِي الكَشحِ مَوْشومُ
كأَنَّها خاصِبٌ زُعْرٌ قَوادِمُه ... أَجْنَى له باللِّوَى شَرْىٌ وتَنّومُ
وقولُ المثقِّب العَبْديّ:
فسَلِّ الهَمَّ عنكَ بذات لَوْثٍ ... عُذَافِرةٍ كمِطْرَقَةٍ القُيُونِ
بصَادِقَةِ الوَجِيف كأَنّ هِرّاً ... يُبَارِيها ويَأْخُذُ بالوَضِينِ
كَساهَا تَامِكاً قَرِداً عليها ... سَوَادِيُّ الرَّضِيخِ معَ اللَّجِينِ
إِذا قَلِقَتْ أَشُدُّ لَها سِنَافاً ... أَمامَ الزَّوْر من قَلَقِ الوَضِينِ
كأَنّ مَوَاقعَ الثَّفِنَاتِ منها ... مُعَرَّسُ بَاكِرَاتِ الوِرْدِ جُونِ
كأنّ الكُورَ والأنْساعَ منها ... على قَرْوَاءَ ماهِرَةٍ دَهِينِ
يَشُقُّ المَاءَ جُؤجُؤُهَا وتعْلو ... غَوَارِبَ كلِّ ذي حَدَبٍ بَطِينِ
وللأَعشَى:
بِجُلاَلِةٍ سُرُحٍ كأَنَّ بغَرْزهَا ... شَوْكاً إِذا انْتعَل المَطِيُّ ظِلاَلَهَا
ومن أحسن ما قيل في سُرْعَةِ الإِبل قولُ أَعرابيّ:
فتسنَّموا شُعَبَ الرِّكابِ تُرَى بهم ... سُودَ البُطُونِ كفَضْلَةِ المُتَنَمِّسِ
تَسَنَّموا: عَلَوْا، وسُودُ البُطُونِ من العَرَق، لأَنّ عرقَ الإِبِل أَسودُ وفَضلَة المتنَمِّس: ما يَنفلِتُ من الصَّيّاد من حِبَالته، والمتنَمِّسُ: الصَّيّاد الجالسُ في الناموس، جَعَل ما يُفْلِتُ منه فَضْلَةً من صَيده، فيقول: هي في سُرعتها ونَشاطِها بعدَ الإِعْيَاءِ للعَرقِ والكَدّ الشديد كنَشَاط ما يُفْلِت من حِبَالةِ الصّائد من الظِّبَاءِ وغير ذلك، ويُرْوَى فقلَّصَتْ بهم المطيُّ.
ولكعب بن زُهَير:
حرْفٌ أَخوهَا أَبوهَا من مُهَجَّنةٍ ... وعَمُّهَا خَالُهَا قَوْداءُ شِمْليلُ
تخْفِي التُرابَ بأَظلافٍ ثمانيةٍ ... بأَرْبَعٍ وَقْعُهنَّ الأَرضَ تَحليلُ
وللقُطامِيِّ:
يَمْشِين رَهْواً فلا الأَعْجَازُ خاذِلةٌ ... ولا الصُّدُورُ على الأَعجاز تَتَّكِلُ