وقال ابن الأَعْرَابِيّ: أحسنُ ما وُصِفتْ به الرِّمَاحُ قول الشاعر:
وبكلّ عَرَّاصِ المَهَزَّةِ مارِنٍ ... فيه سِنَانٌ مِثْلُ ضَوْءِ الفَرْقَدِ
سُمْرٌ مَوَارِنُ مِن رِمَاحِ رُدَيْنَةٍ ... زُرْقُ الظُّبَاةِ سُقِينَ سُمَّ الأَسْوَدِ
وكان يُنْشِد أَيضاً قَولَ مِسْكِينٍ الدَّارِميّ ويُعْجبُه:
بكلّ رُدَينيٍّ كأَنَّ كعُوبَه ... قَطاً نَسَقٌ مُسْتَورَدُ الماءِ صائِفُ
كأَنّ هِلاَلاً لاحَ فوْقَ قَناتِه ... جَلاَ الغَيْمَ عنه والقَتَامَ الحَرَاجِفُ
ولأَعرابيّ:
أَصمَّ رُدَينيّاً كأَنّ سِنَانَه ... سَنَا لَهَبٍ لم يَسْتَعِرْ بِدُخانِ
ولآخر:
مَعِي مارِنٌ لَدْنٌ يزِينُ قَنَاتَه ... سِنَانٌ كنِبْرَاسِ النِّهامِيّ مِنْجَلُ
تَقَاكَ بكَعْبٍ وَاحد وتَلَذُّهُ ... يَدَاكَ إِذا ما هُزَّ بالكَفّ يَعْسِلُ
يقول كأَنّ كِعَابَه كَعْبٌ وَاحدٌ، لصَلاَبته واسْتِوَائهِ يَعْسِلُ: يضطرب.
وما أحسنَ ما قَالَ حَبِيبُ بنُ أَوْسٍ الطّائِيّ:
أَنْهَبْتَ أَرْوَاحَها الأَرْمَاحَ إِذْ شُرِعَتْفما تُرَدُّ لِرَيْبِ الدَّهْرِ عنْه يَدُ
كأَنَّها وهْيَ في الأَرْوَاحِ وَالِغَةٌ ... وفي الكُلَى تَجِدُ الغَيْظَ الذِي نَجِدُ
مِن كُلِّ أَزْرقَ نَظّارٍ بلا نَظَرٍ ... إِلى المَقَاتِلِ ما في مَتْنِه أَوَدُ
كأَنَّه كان تِرْبَ الحُبّ مُذْ زَمَنٌ ... فلَيْسَ يُعجِزُه قَلْبٌ ولا كَبِدً
وله أيضاً:
وأَخضرَ مُحْمَرِّ الأَعالِي يَزِينُهُ ... سِنَانٌ بحَبّاتِ القُلُوبِ ممتَّعُ
مِن الَّلاءِ يَشْرَبْنَ النَّجِيعَ من الكُلَى ... غَرِيضاً ويَرْوَى عَرُّهنّ فيَنْقَعُ
ولعُبَيدِ الله بن مَسْعود:
وأَصمِّ الكُعُوبِ أَسْمَرَ لَدْنٍ ... يَتَثَنَّى كالحَيَّة المُنْسابِ
زَاعِبيّ سِنَانُه يَنْهَبُ الأَنْ ... فُسَ من أَهْلِها غَدَاةَ النِّهَابِ
ولغيره:
ولَدْنٍ تَغَارُ عليه العَروسُ ... إِذَا مَا تَثَنَّى بحُسْنِ القَوَامِ
له مُقْلَةٌ كُحِلَتْ بالسَّعِيرِ ... فأَعْجِبْ به ناظِراً عن ضِرَامِ
ولابن المعتزّ:
وَفِتْيان صِدْقٍ يَحُشُّونَها ... بزُرْقِ الأَسِنَّةِ فَوْقَ القَنَا
كغَابٍ تَحَرَّقُ أَطْرافُهُ ... عَلى لُجّةٍ من حَدِيدٍ جَرَى
وقلْتُ:
ومُقَوَّمٌ تَهْتَزُّ أَعْطَافُ الرَّدَى ... في هَزِّهِ بيَدِ الحِمَامِ مُثَقَّفُ
خَرِسٌ مَتى شَهِدَ الوَغَى بلِسَانِهِ ... نَطَقَتْ بحُجَّتِهِ المَنَايَا العُكَّفُ
يَرْنو إِلى حَبِّ القُلُوبِ بمُقْلَةٍ ... زَرْقَاءَ أَرْمدَها الرَّدَى ما تَطرِفُ
صَادٍ مَتى يَرِدِ النُّفوسَ يَجِدْ بها ... رِيّاً وتُصْدِرُهُ المَنايَا يَرْعُفُ
ولدِعْبِلِ بن عليّ الخُزَاعيّ:
وأَسْمَرٍ في رَأْسِه أَزْرَقٌ ... مِثْلُ لِسَانِ الحَيَّةِ الصَّادِي
ولغيرِه:
ومُثَقَّفٍ كالأُفْعُوانِ تَخَالُهُ ... يُبْدِي التَّثَاؤُبَ عن لَهِيبِ ضِرَامِ
وهذا منقول من قَوْلِ أَحمَدَ بن محمّدٍ المَصّيصيّ:
كأَنَّمَا حَيَّةٌ فَزْعَانُ في يَدِهِ ... أَبْدَى التَّثاؤُبُ مِنْه عَن سَنَا لَهَب
في القِسِيِّ والسِّهام
ممّا يُستجاد ويُقَدَّم في ذلك قَوْل أَوس بن حَجر:
ومَبْضُوعَةً مِنْ رأْسِ فَرْعٍ شَظِيَّةً ... بِصَوْدٍ تَرَاه بالسَّحابِ مُكَلَّلاَ
فجَرَّدها صَفْرَاءَ لا الطُّولُ عابَها ... ولا قِصَرٌ أَزْرَى بها فتُعَطَّلاَ
كَتُومٌ طِلاَعُ الكفِّ لا دون مَلْئِهِا ... ولا عَجْسُها عن مَوْضعِ الكَفّ أَفْضَلاَ
إِذَا ما تَعاطَوْها سَمِعْت لصَوْتها ... إِذَا أَنْبَضوا عنها نَئِيماً وأَزْمَلاَ