للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويوْمَ الكُلاَبِ قَد أَزَالَتْ رِمَاحُنا ... شُرَحْبيلَ إِذْ آلَى أَلِيّةَ مُقْسِمِ

لَيَنْتَزِعَنْ أَرْماحَنَا فأَزَالَهُ ... أَبُو حَنَشٍ عن سَرْجِ شَقاءَ صِلْدِمِ

تَناولَه بالرُّمْح ثمّ انْثَنَى له ... فخَرَّ صَرِيعاً لليَدَيْن وللْفَمِ

وقال مَعدِ يكَرِبُ بن عَمْرِو بن الحارث لَمَّا بلغَهُ قَتْلُ أَخِيه شُرَحْبيل يَرثيه:

إِنّ جَنبِي على الفِرَاش لنابِ ... كتَجَافِي الأَسَرِّ فوقَ الظِّرَابِ

مِن حَدِيثٍ نَمَى إِليَّ فمَا تَرْ ... قَا دُمُوعِي وما أُسِيغُ شَرَابي

مُرَّةً كالذُّعافِ أَكتُمُهَا النّ ... اسَ على إِثْرِ مَلَّةٍ كالشِّهابِ

من شُرَحْبٍلَ إِذْ تَعاوَرُه الأَرْ ... مَاحُ مِن بَعدِ لَذَّةٍ وشَرَابِ

أَينَ مُعْطِيكم الجَزِيلَ وحابٍي ... كمْ على الفَقْرِ بالعَطَايَا الرِّغَابِ

أَحْسَنَتْ تَغْلبٌ وعَادَتُها الإحْ ... سَانُ بالحِنْوِ يَوْمَ ضَرْبِ الرِّقَابِ

يَوْمَ وَلَّتْ بنو تَمِيمٍ وقَيسٌ ... خَيْلُهم يَتَّقِينَ بالأَذْنَابِ

يا بْنَ أُمّي ولو شَهِدْتُكَ إِذْ تَدْ ... عُو تَميماً وأَنتَ غَيْرُ مُجَابِ

لنَشَدَّدْتُ مِن وَرائك حَتَّى ... تَبلُغَ الرُّحبَ أَوْ تُبَزَّ ثِيَابي

فارِسٌ يَضْرِبُ الكَتِيبَةَ بالسَّيْ ... فِ على جَيْبِهِ دمٌ كالمَلاَبِ

يَومُ أُوَارَةَ

وهو يومٌ لبني تَغْلِبَ على بكْر بن وائل وبني تميم، وفيه مقْتَل سَلمَةَ بنِ عَمْرٍو المَلِك، قَتله عَمْرُو بن دَوْسٍ التَّغْلِبيّ، ومَقْتلُ حارثةَ بن عَمْرِو بن أَبي ربِيعَة، قَتَلَه الجَوْنُ التَّغْلبيّ.

وكان من حَدِيث هذا اليوم أَنّ بني تَغلبَ طَرَدَتْ سَلَمَةَ بن عَمرٍو الملكَ، وكان يُلقَّب بالغَلْفَاء، كَمَا قَتلَتْ أَخاه شُرَحبيل بنَ عَمرٍو، لتنَكُّره لأَبي حَنْشٍ، ورَأَوه بصُورةِ مَوتورٍ يَطلُب ثأْراً، فسار حتى أَتَى بكرَ بن وائلٍ، فقال له حارثةُ بن عَمْرِو بن أَبي رَبِيعة بن ذُهْل بن شَيْبَانَ: أَيّهَا المَلِك، لك عَليَّ نَصْرُ بكرِ بن وائلٍ بأَسْرِها. فأَقامَ فيهم ثلاثَ سنين، يجمع بكرْاً وتميماً واليمَنْ، وقلَّدَتْ بنو تَغِلبَ والنَّمِرُ أَمْرها عَمْرَو بنَ المُنْذِر، وهو ابنُ هِنْد، فسارَ سَلَمَة الملكُ في جُموعِ بكرٍ وتميم واليَمن، وسارَت بنو تغلب ورَئِيسُهَا عَمْرُو بن كُلْثُومٍ التغلبيُّ، والنَّمِرُ، ورئيسُها قَيْسُ بن زُهيْرٍ النَّمرِيُّ، ومعهم عَمْرُو بنُ هِنْد، فقالَ ثَعْلبةُ بن شَيبانَ العِجْليُّ: يالَ بَكْرٍ هل تَدْرُون إِلى من تَسِيروُن؟ إِلى أَصْحَابِ السُّلاَّنِ والكُلاَبَين وخَزَازَي، مع امرِئَ قَتَلَ أَخاه، وخُلِعَ من مُلْكه، إِنّه لمَسِيرٌ ما أُحِبُّه لكم، فخالَفُوهُ، فأَجمعَ على التَّنحِّي بمَن أَطاعَه مِن عِجْلٍ، فقال له ابنُهُ حَنْظلةً: يا أَبتِ أَتَخْذُلُ بَكراً في مِثْلِ هذا اليومِ؟ قال: يا بُنيِّ " اللَّحْيُ خَير من الوَهْي " فذهبت مثَلاً، ثم إِنَّهُم الْتَقَوْا بأُوَارةَ فاقتتَلوا أَشَدَّ قِتَالٍ يكونُ ودامت أَيّاماً وحَلَفَ عَمْرٌو إِنْ ظَهَرَ لَيَذْبَحَنَّ مَن قَدَرَ عَليه من بكْر على جَبلِ أُوارَةَ، حتَّى يَبْلُغَ الدَّمُ قَرَارَ الأَرضِ، فظَهَرت تَغلبُ وانهَزَمتْ بَكْرٌ، وحازَتْ تَغْلبُ بُيوتَهُم، وأَسَرَ عُبَيْدُ بن قَرْعَصٍ التَّغْلبيُّ سَلَمةَ الملِكَ، فبينَا هو يَقودُه إِذْ مَرَّ به عَمْرُو بنُ دَوْسٍ التَّغْلبيُّ، فضَرَبَه فقتلَه ففي ذلك يقول امرؤُ القَيْس:

أَلا إِنّما أَبكَي العيونَ وشَفَّها ... قَتِيلُ ابنِ دَوْسٍ في حِبَالِ ابن قَرْعَصِ

<<  <   >  >>